الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ٩٣
سعة، فأعفني من هذا يعف الله عنك. فقال له سليمان: والله لا أوليها غيرك بعدي. فقال عمر:
وما الذي يدعوك إلى هذا؟ فقال سليمان: إني رأيت في منامي قائلا يقول لي: إن عمر بن عبد العزيز لك جنة ووقاية وجسر تتخطاه. فأولت ذلك - إن شاء الله - أن أوليك الأمر من بعدي، لتكون توليتي لك جنة من النار، وجسرا أركبه، لأنجو عليه من عذاب يوم القيامة ثم ليزيد بعدك، فإنه أرشد ولد عبد الملك. فقال عمر: إن هذا الأمر لا يسعني بيني وبين الله عز وجل، أن أتقدم على أمة محمد، وفيهم خير مني. فقال سليمان: أما في آل أمية وعبد شمس فلا أعلم خيرا منك فقال عمر:، إن لم يكن في آل أمية وعبد شمس خير مني بقولك، ففي آل عبد مناف وآل هاشم من هو خير مني. فقال سليمان: لا، فقال عمر: ففي آل تيم وعدي خير مني، وملء الأرض مثلي. فقال سليمان: إنما تريد القاسم وسالما؟ قال: نعم، إياهما أردت فقال سليمان: رجلان صالحان ذكرت، ولكنهما ليسا للملك، ولا الملك لهما، ولا من معدن الملك هما، مع أنه ليس بزمان خلافة، ولا أيام يملك فيها مثل القاسم وسالم، إنما هو زمان ملك وسيف وإنما هي ذئاب تعدو ليست على غنم تؤمن: فقال عمر: الله المعين، المصلح لمن أراده. فسكت سليمان، وظن أن عمر رضي بما قال له، ثم دعا سليمان بصحيفة ثم كتب ويده ترتعش من شدة العلة، لا يعلم أحد بما يخط، فكتب عهد عمر، ثم من بعد عمر ليزيد، ثم ختم عليه بيده، متحاملا لذلك، وعمر لا يشك أن الأمر فيه قد صار لغيره، ثم دعا سليمان برجاء بن حياة، فقال له: خذ هذا الكتاب فإنه عهدي، فاجمع إليك قريشا، وأمراء الأجناد، وأعلمهم أنه عهدي، وأن من كان اسمه في كتابي هذا فهو الخليفة بعدي، فمن نزع عن ذلك وأباه، فالسيف السيف، والقتل القتل، ثم رفع سليمان يديه إلى السماء فقال: اللهم إن ذنوبي قد عظمت وجلت، وهي صغيرة يسيرة في جنب عفوك، فاعف عني يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، اعف عني ما بيني وبينك من الذنوب، واحمل عني ما بيني وبين خلقك، وأرضهم بما شئت، يا أرحم الراحمين. اللهم إن كنت تعلم مني وتطلع من ضميري، أني إنما أردت بعهدي هذا وتوليتي من وليت فيه وجهك ورضاك فاغفر لي وارحمني. ثم تخلخل لسانه، فلم يقو على الكلام من ثقل العلة، ثم سكت وأغمى عليه. قال رجاء: فخرجت وعمر معي.
فقلت له: ما أراك إلا صاحب الأمر، فقال عمر: ما أحسب ذلك. فقلت: ومن عسى أن يكون في آل مروان من يريد سليمان توليته غيرك؟ فقال عمر: ما أراه عهد إلا لأحد الرجلين:
القاسم أو سالم. قال رجاء: فقلت له أسمعت ذلك منه؟ فقال عمر ما سمعته، ولكن دار بيني وبينه كلام آنفا قبل دخلتك، لا أشك أنه أراد أحدهما. قال رجاء: فقلت والله هذا الاختلاف في أمة محمد، والفتن الظاهرة القاصمة للظهور، المفنية للأنفس. فقال عمر:
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175