عليهم برحمته فوعدهم أن يحييهم بعد قتلهم فقتلوا إلا من استبقى بختنصر منهم وكان ممن استبقى منهم دانيال وحنانيا وعزاريا وميشايل ثم إن الله تبارك وتعالى حين أراد هلاك بختنصر انبعث فقال لمن كان في يده من بني إسرائيل أرأيتم هذا البيت الذي أخربت وهؤلاء الناس الذين قتلت من هم وما هذا البيت قالوا هذا بيت الله ومسجد من مساجده وهؤلاء أهله كانوا من ذراري الأنبياء فظلموا وتعدوا وعصوا فسلطت عليهم بذنوبهم وكان ربهم رب السماوات والأرض ورب الخلق كلهم يكرمهم يمنعهم ويعزهم فلما فعلوا ما فعلوا أهلكهم الله وسلط عليهم غيرهم قال فأخبروني ما الذي يطلع بي إلى السماء العليا لعلى أطلع إليها فاقتل من فيها وأتخذها ملكا فانى قد فرغت من الأرض ومن فيها قالوا له ما تقدر على ذلك وما يقدر على ذلك أحد من الخلائق قال لتفعلن أو لأقتلنكم عن آخركم فبكوا إلى الله وتضرعوا إليه فبعث الله بقدرته ليريه ضعفه وهو انه عليه بعوضة فدخلت في منخره ثم ساخت في دماغه حتى عضت بأم دماغه فما كان يقر ولا يسكن حتى يوجأ له رأسه على أم دماغه فلما عرف الموت قال لخاصته من أهله إذا مت فشقوا رأسي فانظروا ما هذا الذي قتلني فلما مات شقوا رأسه فوجدوا البعوضة عاضة بأم دماغه ليرى الله العباد قدرته وسلطانه ونجى الله من كان بقى في يديه من بني إسرائيل وترحم عليهم وردهم إلى الشأم وإلى إيليا المسجد المقدس فبنوا فيه وربوا وكثروا حتى كانوا على أحسن ما كانوا عليه فيزعمون والله أعلم ان الله أحيا أولئك الموتى الذين قتلوا فلحقوا بهم ثم إنهم لما دخلوا الشام دخلوها وليس معهم عهد من الله كانت التوراة قد استلبت منهم فحرقت وهلكت وكان عزيز وكان من السبايا الذين كانوا ببابل فرجع إلى الشام يبكى عليها ليله ونهاره قد خرج من الناس فتوحد منهم وإنما هو ببطون الأودية وبالفلوات يبكى فبينما هو كذلك في حزنه على التوراة وبكائه عليها إذ أقبل إليه رجل وهو جالس فقال يا عزيز ما يبكيك قال أبكى على كتاب الله وعهده كان بين أظهرنا فبلغت بنا خطايانا وغضب ربنا علينا أن سلط علينا عدونا فقتل رجالنا وأخرب بلادنا وأحرق كتاب
(٣٩٦)