وفقهاؤهم فيتعبدون في المساجد ويتدينون بعمارتها لغيري لطلب الدنيا بالدين ويتفقهون فيها لغير العلم ويتعلمون فيها لغير العمل وأما أولاد الأنبياء فمكثورون مقهورون مغترون يخوضون مع الخائضين فيتمنون على مثل نصرة آبائهم والكرامة التي أكرمتهم بها ويزعمون أن لا أحد أولى يذلك منهم منى بغير صدق ولا تفكر ولا تعبر ولا يذكرون كيف نصر آبائهم لي وكيف كان جدهم في أمري حين غير المغيرون وكيف بذلوا أنفسهم ودماءهم فصبروا وصدقوا حتى عز امرى وظهر ديني فتأنيت بهؤلاء القوم لعلهم يستجيبون فأطولت لهم وصفحت عنهم لعلهم يرجعون فأكثرت ومددت لهم في العمر لعلهم يتفكرون فأعذرت وفى كل ذلك أمطر عليهم السماء وأنبت لهم الأرض ألبسهم العافية أظهرهم على العدو فلا يزدادون الا طغيانا وبعدا منى فحتى متى هذا أبى يتمرسون أم إياي يخادعون فانى احلف بعزتي لأقيضن لهم فتنة يتحير فيها الحليم ويضل فيها رأى ذي الرأي وحكمة الحكيم ثم لأسلطن عليهم جبارا قاسيا عاتيا ألبسه الهيبة وأنزع من صدره الرأفة والزحمة والليان يتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم له عساكر مثل قطع السحاب ومراكب أمثال العجاج كأن خفيق راياته طيران النسور وكأن حملة فرسانه كرير العقبان ثم أوحى الله عز وجل إلى أرميا إني مهلك بني إسرائيل بيافث ويافث أهل بابل فهم من ولد يافث بن نوح صلى الله عليه وسلم فلما سمع أرميا وحى ربه صاح وبكى وشق ثيابه ونبذ الرماد على رأسه فقال ملعون يوم ولدت فيه ويوم لقنت فيه التوراة ومن شر أيامى يوم ولدت فيه فما أبقيت آخر الأنبياء إلا لما هو شر على لو أراد بي خيرا ما جعلني آخر الأنبياء من بني إسرائيل فمن أجلى تصيبهم الشقوة والهلاك فلما سمع الله عز وجل تضرع الخضر وبكاءه وكيف يقول ناداه يا أرميا أشق عليك ما أوحيت لك قال نعم يا رب أهلكني قبل أن أرى في بني إسرائيل مالا أسر به فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لا أهلك بيت المقدس وبنى إسرائيل حتى يكون الامر من قبلك في ذلك ففرح عند ذلك أرميا لما قال له ربه وطابت
(٣٩١)