وحقهم على الملك أن يعطيهم أرزاقهم في أوقاتها إذ لا معتمد لهم على غيرها وانها تجارتهم وحق الرعية على الملك أن ينظر لهم ويرفق بهم ولا يحملهم ما لا يطيقون وإن أصابتهم مصيبة تنقص من ثمارهم من آفة من السماء أو الأرض أن يسقط عنهم خراج ما نقص وإن اجتاحتهم مصيبة أن يعوضهم ما يقويهم على عماراتهم ثم يأخذ منهم بعد ذلك على قدر ما يجحف به في سنة أو سنتين وأمر الجند للملك بمنزلة جناحي الطائر فهم أجنحة الملك متى قص من الجناح ريشه كان ذلك نقصا منه فكذلك الملك إنما هو بجناحه وريشه ألا وإن الملك ينبغي أن يكون فيه ثلاث خصال أو لها أن يكون صدوقا لا يكذب وأن يكون سخيا لا يبخل وأن يملك نفسه عند الغضب فإنه مسلط ويده مبسوطة والخراج يأتيه فينبغي أن يستأثر عند جنده ورعيته بما هم أهل له وأن يكثر العفو فإنه لا ملك أبقى من ملك فيه العفو ولا أهلك من ملك فيه العقوبة ألا وإن المرء إن يخطئ في العفو فيعفو خير من أن يخطئ في العقوبة فينبغي للملك أن يتثبت في الامر الذي فيه قتل النفس وبوارها وإذا رفع إليه من عامل من عماله ما يستوجب به العقوبة فلا ينبغي له أن يحابيه فليجمع بينه وبين المتظلم فان صح عليه للمظلوم حق خرج إليه منه فان عجز عنه أدى عنه الملك ورده إلى موضوعه وأخذه باصلاح ما أفسد فهذا لكم علينا ألا ومن سفك دما بغير حق أو قطع يدا بغير حق فانى لا أعفو عن ذلك حتى يعفو عنه صاحبه فخذوا هذا عنى وان الترك قد طمعت فيكم فاكفونا فإنما تكفون أنفسكم وقد أمرت لكم بالسلاح والعدة وأنا شريككم في الرأي وانما لي من هذا الملك اسمه مع الطاعة منكم ألا وان الملك ملك إذا أطيع فإذا خولف فذلك مملوك ليس بملك ومهما بلغنا من الخلاف فانا لا نقبله من المبلغ له حتى نتيقنه فإذا صحت معرفة ذلك وإلا أنزلناه منزلة المخالف ألا وإن أكمل الأداة عند المصيبات الاخذ بالصبر والراحة إلى اليقين فمن قتل في مجاهدة العدو رجوت له الفوز برضوان الله وأفضل الأمور التسليم لأمر الله والراحة إلى اليقين والرضا بقضائه وأين المهرب مما هو كائن وإنما يتقلب في كف الطالب وإنما هذه الدنيا سفر لأهلها
(٢٦٨)