تلك مما يلي بلاد الترك فهو الحد بينهما لا يجاوز ذلك واحد منهما إلى الناحية الأخرى وان ارشسياطير نزع بسهم في قوسه ثم أرسله وكان قد أعطى قوة وشدة فبلغت رميته من طبرستان إلى نهر بلخ ووقع السهم هنالك فصار نهر بلخ حد ما بين الترك وولد طوج وولد ايرج وعمل الفرس فانقطع بذلك من رمية ارشسياطير حروب ما بين فراسيات ومنوشهر * وذكروا أن منوشهر اشتق من الصراة ودجلة ونهر بلخ أنهارا عظاما وقيل إنه هو الذي كرا الفرات الأكبر وأمر الناس بحراثة الأرض وعمارتها وزاد في مهنة المقاتلة الرمي وجعل الرياسة في ذلك لارشسياطير لرميته التي رماها وقالوا إن منوشهر لما مضى من ملكه خمس وثلاثون سنة تناولت الترك من أطراف رعيته فوبخ قومه وقال لهم أيها الناس إنكم لم تلدوا الناس كلهم وإنما الناس ناس ما عقلوا من أنفسهم ودفعوا العدو عنهم وقد نالت الترك من أطرافكم وليس ذلك إلا من ترككم جهاد عدوكم وقلة المبالاة وأن الله تبارك وتعالى أعطانا هذا الملك ليبلونا أنشكر فيزيدنا أم نكفر فيعاقبنا ونحن أهل بيت غزو معدون لملك الله فإذا كان غدا فأحضروا قالوا نعم واعتذروا فقال انصرفوا فلما كان من الغد أرسل إلى أهل المملكة وأشراف الأساورة فدعاهم وأدخل الرؤساء من الناس ودعا موبذ موبذان فأقعد على كرسي مقابل سريره ثم قال على سريره وقام أشراف أهل بيت المملكة وأشراف الأساورة على أرجلهم فقال اجلسوا فانى إنما قمت لأسمعكم كلامي فجلسوا فقال أيها الناس إنما الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولابد مما هو كائن وإنه لا ضعف من مخلوق طالبا كان أو مطلوبا ولا أقوى من خالق ولا أقدر ممن طلبته في يده ولا أعجز ممن هو في يد طالبه وأن التفكر نور والغفلة ظلمة والجهالة ضلالة وقد ورد الأول ولابد للآخر من اللحاق بالأول وقد مضت قبلنا أصول نحن فروعها فما بقى فرع بعد ذهاب أصله وأن الله عز وجل أعطانا هذا الملك فله الحمد ونسأله إلهام الرشد والصدق واليقين وإن للملك على أهل مملكته حقا ولأهل مملكته عليه حقا فحق الملك على أهل المملكة أن يطيعوه ويناصحوه ويقاتلوا عدوه
(٢٦٧)