بالإنسانة فأتوها فطلبوا إليها أن ينزلوا معها فأذنت لهم قال وأتى عليها ما يأتي على هؤلاء الناس من الموت فماتت وتزوج إسماعيل امرأة منهم فجاء إبراهيم فسأل عن منزل إسماعيل حتى دل عليه فلم يجده ووجد امرأة له فظة غليظة فقال لها إذا جاء زوجك فقولي له جاء ههنا شيخ من صفته كذا وكذا وأنه يقول لك إني لا أرضى لك عتبة بابك فحولها فانطلق فلما جاء إسماعيل أخبرته فقال ذلك أبى وأنت عتبة بابى فطلقها وتزوج امرأة أخرى منهم فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى منزل إسماعيل فلم يجده ووجد امرأة له سهلة طلقة فقال لها أين انطلق زوجك فقالت انطلق إلى الصيد قال فما طعامكم قالت اللحم والماء قال اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم ثلاثا وقال لها إذا جاء زوجك فأخبريه فقولي له جاء ههنا شيخ من صفته كذا وكذا وإنه يقول لك قد رضيت لك عتبة بابك فاثبتها فلما جاء إسماعيل أخبرته قال ثم جاء الثالثة فرفعا القواعد من البيت * حدثنا الحسن بن محمد قال حدثني يحيى بن عباد قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاء إبراهيم نبي الله بإسماعيل وهاجر فوضعهما بمكة في موضع زمزم فلما مضى نادته هاجر يا إبراهيم أنا أسألك ثلاث مرات من أمرك أن تضعني بأرض ليس فيها زرع ولا ضرع ولا أنيس ولا ماء ولا زاد قال ربى أمرني قالت فإنه لن يضيعنا قال فلما قفا إبراهيم قال (ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن) يعنى من الحزن (وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء) فلما ظمئ إسماعيل جعل يدحص الأرض بعقبه فذهبت هاجر حتى علت الصفا والوادي يومئذ لأخ يعنى عميق فصعدت الصفا فأشرفت لتنظر هلى ترى شيئا فلم تر شيئا فانحدرت فبلغت الوادي فسعت فيه حتى خرجت منه فأتت المروة فصعدت فاستشرفت هل ترى شيئا فلم تر شيئا ففعلت ذلك سبع مرات ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل وهو يدحص الأرض بعقبه وقد نبعت العين وهى زمزم فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء فكلما اجتمع ماء أخذته بقدحها فأفرغته في سقائها قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم يرحمها الله لو تركتها لكانت عينا سائحة تجرى إلى يوم القيامة قال وكانت
(١٨٠)