فقال عمر: لا، ما معي كتابه.
فقال له: انطلق حيث شئت فلا خير لك عندي.
فخرج من عنده، وسار إلى مصعب، فاستقبله في بعض الطريق، فوصله بمائة ألف درهم، وأقبل مع مصعب حتى حضر الوقعة، فقتل فيمن قتل من الناس.
وانهزم المختار حتى دخل الكوفة، وتبعه مصعب، فدخل في أثره، وتحصن المختار في قصر الإمارة، فأقبل مصعب حتى أناخ عليه، وحاصره أربعين يوما.
ثم إن المختار قلق (بالحصار قلقا عظيما، فقال) (1) للسائب بن مالك الأشعري، وكان من خاصته:
- أيها الشيخ، اخرج بنا نقاتل على أحسابنا لا على الدين.
فاسترجع السائب، وقال: يا أبا إسحاق، لقد ظن الناس أن قيامك بهذا الأمر دينونة.
فقال المختار: لا، لعمري ما كان إلا لطلب دنيا، فإني رأيت عبد الملك ابن مروان قد غلب على الشام، وعبد الله بن الزبير على الحجاز، ومصعبا على البصرة، ونجدة الحروري على العروض (2)، وعبد الله بن خازم على خراسان، ولست بدون واحد منهم، ولكن ما كنت أقدر على ما أردت إلا بالدعاء إلى الطلب بثأر الحسين.
ثم قال: - يا غلام، علي بفرسي ولأمتي.
فأتي بدرعه، فتدرعها، وركب فرسه.
ثم قال: قبح الله العيش بعد ما أرى، يا بواب، افتح.
ففتح له الباب.