فاقتتلوا، فكان الظفر لدارا، فصالحه الفيلفوس على إتاوة يؤديها إليه كل عام، وهي مائة ألف بيضة ذهب، في كل بيضة أربعون مثقالا (1)، وتزوج ابنته، ثم انصرف إلى فارس.
(ملك داريوش) فلما تم لدارا اثنتا عشرة سنة في الملك حضرته الوفاة، فأسند الملك إلى ابنه دارا بن دارا، وهو الذي يعرف بداريوش، مقارع الإسكندر، فلما أفضى الملك إلى دارا بن دارا تجبر، واستكبر، وطغى. وكانت نسخة كتبه إلى عماله:
من دارا بن دارا المضئ لأهل مملكته كالشمس إلى فلان. وكان عظيم السلطان، كثير الجنود، لم يبق في عصره ملك من ملوك الأرض إلا بخع له بالطاعة، واتقاه بالإتاوة.
(نشأة الإسكندر) ونشأ الإسكندر، وقد اختلف العلماء في نسبه، فأما أهل فارس فيزعمون أنه لم يكن ابن الفيلفوس، ولكن كان ابن ابنته، وإن أباه دارا بن بهمن.
قالوا: وذلك أن دارا بن بهمن لما غزا أرض الروم صالح الفيلفوس ملك الروم على الإتاوة، فخطب إليه دارا ابنته، وحملها بعد تزويجها إياه إلى وطنه، فلما أراد مباشرتها وجد منها ذفرا (2)، فعافها، وردها إلى قيمة نسائه، وأمرها أن تحتال لذلك الذفر، فعالجتها القيمة بحشيشة، تسمى السندر، فذهب عنها بعض تلك الرائحة، ودعا بها دارا، فوجد منها رائحة السندر، فقال: آل سندر.
أي ما أشد رائحة السندر، وآل، كلمة في لغة فارس يراد بها الشدة، وواقعها، فعلقت منه، ونبأ قلبه عنها لتلك الذفرة التي كانت بها، فردها إلى أبيها