العصر مات ياسر ينعم صاحب اليمن، وقام بالأمر بعده شمر بن إفريقيس بن أبرهة بن الرائش، وهو الذي يزعمون أنه أتى الصين وهدم مدينة سمرقند (1)، فيزعمون أن وزير صاحب الصين مكر به، وذلك أنه أمر الملك أن يجدعه ويخلي سبيله، فسار الأجدع إلى شمر، فأخبره أنه نصح لصاحبه، يعني ملك الصين، وأمره بالنجوع (2) لشمر، وإعطائه الطاعة والإتاوة، فغضب عليه، و جدعه، وإنه سار إلى شمر ليدله على عورة صاحب الصين جزاء بما فعل به، فاغتر شمر بذلك، وسأله عن الرأي، فقال: إن بينك وبينه مفازة، تقطع في ثلاثة أيام، ومأتاه منها قريب، فاحمل الماء لثلاثة أيام، وسر حتى أفاجئه بك من كثب، فتستبيح بلده، وتأخذه سلما، وأهله، وماله. ففعل، فسلك به مفازة لا ترام، فلما ساروا ثلاثة، ونفد الماء، ولم يروا علما، ولا انتهوا إلى ماء، قالوا له: أين ما زعمت؟، فأعلمه أنه مكر به، ووقى أهل بيته بنفسه، لأنه قد علم أنه سيقتله، وقال قد أهلكتك، فاصنع ما أنت صانع، فمالك ولمن تبعك في الحياة (3) مطمع. فوضع شمر درعه (4) تحت رأسه، وترس (5) حديد كان معه فوق رأسه، يستكن به من الشمس.
قالوا: وقد كان المنجمون قالوا له، إنك تموت بين جبلي حديد، فمات بين درعه وترسه عطشا، فلم يبق من جنوده أحد إلا هلك، وقد سمعنا نحن بهذا الحديث في غير قصة شمر.