وكان الملك في بيت يهوذا، وقد كان بقي في ذلك العصر من ولد عاد جالوت الجبار، فسار غازيا لبني إسرائيل في جنوده، فجمع طالوت بني إسرائيل، وخرج لمحاربته، فمروا بالنهر الذي نهاهم طالوت عن شربه، وشربوا منه إلا ثلاثمائة رجل وسبعة عشر رجلا، عدد أهل بدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكان داود النبي حينئذ حدث السن، فلما تواقف الفريقان وضع داود - عليه السلام - حجرا في قذافه، ثم فتلها، ورماه، فصك بين عيني جالوت، فكانت نفسه فيه، وانهزم جنوده، وغنم بنو إسرائيل أموالهم فاجتمع بنو إسرائيل عند ذلك على تمليك داود صلى الله عليه وسلم، وخلع طالوت برضى منه، وداود من سبط يهوذا بن يعقوب. قالوا: وكان ملك الروم في ذلك العصر (دقينوس) صاحب الفتية أصحاب الكهف.
وذكر عن عبد الله بن الصامت، قال: وجهني أبو بكر الصديق رضي الله عنه - (1) سنة استخلف إلى ملك الروم، لأدعوه إلى الإسلام أو آذنه بحرب، قال، فسرت حتى أتيت القسطنطينية، فأذن لنا عظيم الروم، فدخلنا عليه، فجلسنا، ولم نسلم، ثم سألنا عن أشياء من أمر الإسلام، ثم صرفنا يومنا ذلك، ثم دعا بنا يوما آخر، ودعا خادما له، فكلمه بشئ، فانطلق، فأتاه بعتيده (2)، فيها بيوت كثيرة، وعلى كل بيت باب صغير، ففتح بابا، فاستخرج خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء، كهيئة رجل أجمل ما يكون من الناس وجها، مثل دارة القمر ليلة البدر، فقال: أتعرفون هذا؟ قلنا: لا. قال: هذا أبونا آدم عليه السلام، ثم رده. وفتح بابا آخر، فاستخرج خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء، كهيئة شيخ جميل الوجه، في وجهه تقطيب، كهيئة المحزون المهموم، فقال: أتدرون من هذا؟ قلنا: لا. قال: هذا نوح، ثم فتح بابا آخر، فاستخرج خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء (3) على صورة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى جميع الأنبياء،