ولم ينج من أصحاب الحسين عليه السلام وولده وولد أخيه إلا ابناه، على الأصغر، وكان قد راهق، وإلا عمر، وقد كان بلغ أربع سنين.
ولم يسلم من أصحابه إلا رجلان، أحدهما المرقع بن ثمامة الأسدي، بعث به عمر بن سعد إلى ابن زياد فسيره إلى الربذة (1)، فلم يزل بها حتى هلك يزيد، وهرب عبيد الله إلى الشام، فانصرف المرقع إلى الكوفة، والآخر مولى لرباب، أم سكينة، أخذوه بعد قتل الحسين، فأرادوا ضرب عنقه، فقال لهم: (إني عبد مملوك). فخلوا سبيله.
* * * وبعث عمر بن سعد برأس الحسين من ساعته إلى عبيد الله بن زياد مع حولي ابن يزيد الأصبحي.
وأقام عمر بن سعد بكربلاء بعد مقتل الحسين يومين، ثم آذن في الناس بالرحيل، وحملت الرؤوس على أطراف الرماح، وكانت اثنين وسبعين رأسا، جاءت هوازن منها باثنين وعشرين رأسا، وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا مع الحصين بن نمير، وجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا مع قيس بن الأشعث، وجاءت بنو أسد بستة رؤوس مع هلال الأعور، وجاءت الأزد بخمس رؤوس مع عيهمة بن زهير، وجاءت ثقيف باثني عشر رأسا مع الوليد بن عمرو.
وأمر عمر بن سعد بحمل نساء الحسين وأخواته وبناته وجواريه وحشمه في المحامل المستورة على الإبل. وكانت بين وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قتل الحسين خمسون عاما.
قالوا: ولما أدخل رأس الحسين عليه السلام على ابن زياد فوضع بين يديه جعل ابن زياد ينكت الخيزرانة ثنايا (2) الحسين، وعنده زيد بن أرقم، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: