حرب حتى فزعوا في هذه الثلاثة الأشهر خمسا وثمانين فزعة، كل ذلك يحجز بينهم القراء.
فلما انقضت جمادى الأولى بات علي رضي الله عنه يعبي أصحابه، ويكتب كتائبه، وبعث إلى معاوية يؤذنه بحرب، فعبى معاوية أيضا أصحابه، وكتب كتائبه . فلما أصبحوا تزاحفوا وتواقفوا تحت راياتهم في صفوفهم، ثم تحاجزوا، فلم تكن حرب، وكانوا يكرهون أن يلتقوا بجميع الفيلقين مخافة الاستئصال، غير أنه يخرج الجماعة من هؤلاء إلى الجماعة من أولئك، فيقتتلون بين العسكرين، فكانوا كذلك حتى أهل هلال رجب، فأمسك الفريقان.
قالوا: وأقبل أبو الدرداء وأبو أمامة الباهلي حتى دخلا على معاوية، فقالا:
(علام تقاتل عليا، وهو أحق بهذا الأمر منك؟). قال: (أقاتله على دم عثمان).
قالا: (أو هو قتله؟).
قال: (آوى قتلته، فسلوه أن يسلم إلينا قتلته، وأنا أول من يبايعه من أهل الشام).
فأقبلا إلى علي رضي الله عنه، فأخبراه بذلك. فاعتزل من عسكر علي زهاء عشرين ألف رجل، فصاحوا: (نحن جميعا قتلنا عثمان).
فخرج أبو الدرداء وأبو أمامة فلحقا ببعض السواحل، ولم يشهدا شيئا من تلك الحروب.
وإن معاوية بعث إلى شرحبيل بن السمط، وحبيب بن مسلمة، ومعن بن يزيد ابن الأخنس، وقال: (انطلقوا إليه، وسلوه أن يسلم إلينا قتلة عثمان، ويتخلى مما هو فيه حتى نجعلها شورى بين المسلمين، يختارون لأنفسهم من رضوا وأحبوا).
فأقبلوا حتى دخلوا على علي رضي الله عنه، فبدأ حبيب بن مسلمة، فتكلم