ومنها قوله تعالى: * (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى، قالوا: إنا مهلكو أهل هذه القرية، إن أهلها كانوا ظالمين - قال: إن فيها لوطا - قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله، إلا امرأته كانت من الغابرين) * (29) العنكبوت: 31 - 32) ووجه الاحتجاج بذلك أن إبراهيم فهم من أهل هذه القرية العموم، حيث ذكر لوطا، والملائكة أقروه على ذلك، وأجابوه بتخصيص لوط وأهله بالاستثناء واستثناء امرأته من الناجين. وذلك كله يدل على العموم.
وأما الاجماعية، فمنها احتجاج عمر على أبي بكر في قتال مانعي الزكاة بقوله:
كيف تقاتلهم، وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا:
لا إله إلا الله، فإذا قالوها، عصموا مني دماءهم وأموالهم ولم ينكر عليه أحد من الصحابة احتجاجه بذلك، بل عدل أبو بكر إلى التعليق بالاستثناء وهو قوله، صلى الله عليه وسلم إلا بحقها فدل على أن لفظ الجمع المعرف للعموم.
ومنها احتجاج فاطمة على أبي بكر في توريثها من أبيها، فدك والعوالي بقوله تعالى: * (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) * (4) النساء: 11) ولم ينكر عليها أحد من الصحابة، بل عدل أبو بكر، رضي الله عنه، إلى ما رواه عن النبي، صلى الله عليه وسلم إلى دليل التخصيص، وهو قوله، عليه السلام: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة ومنها احتجاج عثمان على علي، رضي الله عنه، في جواز الجمع بين الأختين بقوله تعالى:، * (إلا على أزواجهم) * (3) المؤمنون: 6) واحتجاج علي بقوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين) * (4) النساء: 23) ولم ينكر على أحد منهما صحة ما احتج به. وإنما يصح ذلك، أن لو كانت الأزواج المضافة، والأختان على العموم.
ومنها أن عثمان، لما سمع قول الشاعر:
ألا كل شئ، ما خلا الله، باطل وكل نعيم، لا محالة، زائل قال له كذبت، فإن نعيم أهل الجنة لا يزول ولم ينكر عليه منكر، ولولا أن (كل) للعموم، لما كان كذلك.