وأما الجمع المعرف فهو للعموم لوجهين الأول: أن كثرة الجمع المعرف تزيد على كثرة الجمع المنكر، ولهذا يقال رجال من الرجال، ولا عكس، وعند ذلك، فالجمع المعرف إما أن يكون مفيدا للاستغراق، أو للعدد غير مستغرق، لا جائز أن يقال بالثاني، لان ما من عدد يفرض من ذلك إلا ويصح نسبته إلى المعرفة بأنه منه، والأول هو المطلوب.
الثاني: أنه يصح تأكيد بما هو مفيد للاستغراق، والتأكيد إنما يفيد تقوية المؤكد، لا أمرا جديدا، فلو لم يكن المؤكد يفيد الاستغراق، لما كان المؤكد مفيدا له، أو كان مفيدا لأمر جديد، وهو ممتنع.
وأما النكرة المنفية، كقوله لا رجل في الدار أو في سياق النفي كقوله ما في الدار من رجل فإن القائل لذلك يعد كاذبا بتقدير رؤيته لرجل ما، وأنه يحسن الاستثناء بقوله إلا زيد وأنه يصح تكذيبه بأنك رأيت رجلا، كما ورد قوله تعالى: * (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى) * تكذيبا لمن قال ما أنزل الله على بشر من شئ وكل ذلك يدل على كونها للعموم، ولأنها لو لم تكن للعموم، لما كان قولنا لا إله إلا الله توحيدا، لعدم دلالته على نفي كل إله سوى الله تعالى.
وأما الإضافة، كقوله: أعتقت عبيدي وإمائي فإنه يدل على العموم، بدليل لزوم العتق في الكل، وأنه يجوز لمن سمعه أن يزوج من أي العبيد شاء، وأن يتزوج من الإماء من شاء، دون رضى الورثة، وكذلك لو قال العبيد الذين هم في يدي لفلان صح الاقرار بالنسبة إلى الجميع، ولولا أن ذلك للعموم، لما كان كذلك.
وأما الجنس إذا دخله الألف واللام، ولا عهد فإنه للعموم لأربعة أوجه:
الأول: أنه إذا قال القائل رأيت إنسانا أفاد رؤية واحد معين، فإذا دخلت عليه الألف واللام، فلو لم تكن الألف واللام مفيدة للاستغراق، لكانت معطلة لتعذر حملها على تعريف الجنس، لكونه معلوما دونها، وهو ممتنع.