الثاني: أنه يصح نعته بالجمع المعرف، وقد ثبت أن الجمع المعرف للعموم، فكذلك المنعوت به، وذلك في قولهم أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض وأنه يصح الاستثناء منه، كما في قوله تعالى: * (إن الانسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا) * وهو دليل العموم.
الثالث: أن القائل قائلان: قائل يقول إن الألف واللام الداخلة على الاسم المفرد والجمع تفيد العموم، وقائل بالنفي مطلقا. وقد ثبت أنها مفيد ة للعموم في الجمع، فالتفرقة تكون قولا بتفصيل لم يقل به قائل.
الرابع: أنه إذا كانت الألف واللام لتعريف المعهود عائدة إلى جميعه لعدم أولوية عودها إلى البعض منه دون البعض، فكذلك إذا كانت لتعريف الجنس.
وأما الجمع المنكر فيدل على أنه للعموم ثلاثة أوجه.
الأول: أن قول القائل رجال يطلق على كل جمع على الحقيقة، حتى الجمع المستغرق، فإذا حمل الاستغراق كان حملا له على جميع حقائقه، فكان أولى.
الثاني: أنه لو أراد المتكلم بلفظ الجمع المنكر البعض لعينه، وإلا كان مراده مبهما، فحيث لم يعينه دل على أنه للاستغراق.
الثالث: أنه يصح دخول الاستثناء عليه بكل واحد واحد من آحاد الجنس، فكان للعموم.
ومن شبههم أن العرب فرقت بين تأكيد العموم والخصوص في أصل الوضع، فقالوا في الخصوص رأيت زيدا عينه نفسه ولا يقولون رأيت زيدا كلهم أجمعين وقالوا في العموم رأيت الرجال كلهم أجمعين ولا يقولون رأيت لرجال عينه نفسه واختلاف التأكيد يدل على اختلاف المؤكد، لان التأكيد مطابق للمؤكد.
ومنها: أنهم قالوا: وقع الاجماع على أن الباري تعالى قد كلفنا أحكاما تعم جميع المكلفين، فلو لم يكن للعموم صيغة تفيده، لما وقع التكليف به لعدم ما يدل عليه، أو كان التكليف به تكليفا بما لا يطاق، وهو محال.