وقفت فيها أصيلا لا أسائلها * عيت جوابا وما بالربع من أحد إلا أواري لأيا ما أبينها * والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد فإن قيل: نحن إنما ندعي ذلك فيما كان من الجنس، لا في غيره.
قلنا: وإذا كان من الجنس، فالاستثناء يدل على وجوب دخول ما استثني تحت المستثنى منه، أو على صلاحيته للدخول تحته: الأول ممنوع، والثاني مسلم.
ويدل على ذلك صحة استثناء كل واحد من آحاد الجنس من جموع القلة، وهي ما يتناول العشرة فما دونها، وهي: أفعل نحو أفلس، وأفعال نحو أصنام، وأفعلة نحو أرغفة، وفعلة نحو صبية، مع أن آحاد الجنس غير واجبة الدخول تحت المستثنى منه، والاستثناء من جمع السلامة، إذا لم تدخله الألف واللام، فإنه من جموع القلة بنص سيبويه.
فإن قيل: نحن إنما ندعي ذلك فيما يصح استثناء العدد الكثير والقليل منه، واستثناء العدد الكثير، وهو ما زاد على العشرة، لا يصح من جمع القلة.
قلنا: فيلزم عليه استثناء ما لا يصح من جمع القلة. قلنا فيلزم عليه استثناء ما زاد على العشرة من الجمع المنكر، فإنه يصح، وإن كان كل واحد من المستثنيات غير واجب الدخول تحت الجمع المنكر، بل ممكن الدخول.
فإن قيل: لو صح الاستثناء لاخراج ما يصح دخوله، لا ما يجب دخوله، لصح أن يقول القائل: رأيت رجلا إلا زيدا، لصلاحية دخوله تحت لفظ رجل، وهو غير صحيح.
وأيضا، فإن الاستثناء يدخل في الاعداد كقول القائل له علي عشرة دراهم إلا درهما وهو واجب الدخول. وأيضا فإن أهل اللغة قالوا بأن الاستثناء إخراج جزء من كل، والجزء واجب الدخول في كله.
قلنا: أما الأول فلان قوله رأيت رجلا لا يكون إلا معينا في نفس الامر ضرورة وقوع الرؤية عليه، وإن لم يكن معينا عند المستمع، والمعين لا يصح الاستثناء منه إجماعا.
وأما الثاني فبعيد عن التحقيق من حيث إن وجوب دخول الواحد في العشرة لا يمنع من صحة دخوله فيها، بمعنى أنه لا يمتنع دخوله فيها، وما ليس بممتنع أعم من