وإن كان الثاني، فليس تعريف أحدهما بسلب حقيقة الآخر عنه أولى من العكس، وأيضا فإن اللفظ قد يكون خاصا كلفظ الانسان، فإنه خاص بالنسبة إلى لفظ الحيوان وما خرج عن كونه عاما بالنسبة إلى ما تحته.
وإن قيل إنه ليس بعام من جهة ما هو خاص، ففيه تعريف الخاص بالخاص، وهو ممتنع.
والحق في ذلك أن يقال: الخاص قد يطلق باعتبارين:
الأول: وهو اللفظ الواحد الذي لا يصلح مدلوله لاشتراك كثيرين فيه، كأسماء الاعلام من زيد وعمرو ونحوه، الثاني: ما خصوصيته بالنسبة إلى ما هو أعم منه وحده أنه اللفظ الذي يقال على مدلوله، وعلى غير مدلوله، لفظ آخر من جهة واحدة، كلفظ الانسان، فإنه خاص، ويقال على مدلوله وعلى غيره، كالفرس والحمار، لفظ الحيوان من جهة واحدة.
وإذا تحقق معنى العام والخاص فاعلم أن اللفظ الدال ينقسم إلى عام لا أعم منه، كالمذكور، فإنه يتناول الموجود والمعدوم، والمعلوم والمجهول، وإلى خاص لا أخص منه، كأسماء الاعلام، وإلى ما هو عام بالنسبة، وخاص بالنسبة، كلفظ الحيوان، فإنه عام بالنسبة إلى ما تحته من الانسان والفرس، وخاص بالنسبة إلى ما فوقه، كلفظ الجوهر والجسم.
وأما صيغ العموم عند القائلين بها فهي:
إما أن تكون عامة فيمن يعقل وما لا يعقل جمعا وأفرادا مثل (أي) في الجزاء والاستفهام، وأسماء الجموع المعرفة إذا لم يكن عهد، سواء كان جمع سلامة أو جمع تكسير (كالمسلمين والرجال) والمنكرة (كرجال ومسلمين)، والأسماء المؤكدة لها، مثل (كل وجميع) واسم الجنس إذا دخله الألف واللام من غير عهد (كالرجل والدرهم) والنكرة المنفية كقولك: (لا رجل في الدار) و (ما في الدار من رجل) والإضافة كقولك: (ضربت عبيدي) و (أنفقت دراهمي).
وإما عامة فيمن يعقل دون غيره (كمن) في الجزاء والاستفهام، تقول: من عندك؟ ومن جاءني أكرمته.