ومنها احتجاج أبي بكر على الأنصار بقوله، صلى الله عليه وسلم الأئمة من قريش ووافقه الكل على صحة هذا الاحتجاج من غير نكير، ولو لم يكن لفظ (الأئمة) عاما، لما صح الاحتجاج.
ومنها إجماع الصحابة على إجراء قوله تعالى: * (الزانية والزاني) * (24) النور: 2)، * (والسارق والسارقة) * (5) المائدة: 38)، * (ومن قتل مظلوما) * (17) الاسراء: 33)، * (وذروا ما بقي من الربا) * (2) البقرة: 278)، * (ولا تقتلوا نفسكم) * (4) النساء: 29)، * (ولا تقتلوا الصيد، وأنتم حرم) * (5) المائدة: 95) وقوله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها، ومن ألقى سلاحه فهو آمن إلى غير ذلك على العموم.
وأما الشبه المعنوية، فمنها أن العموم من الأمور الظاهرة الجلية، والحاجة مشتدة إلى معرفته في التخاطب، وذلك مما تحيل العادة مع توالي الاعصار على أهل اللغة إهماله، وعدم تواضعهم على لفظ يدل عليه، مع أنه لا يتقاصر في دعو الحاجة إلى معرفته، عن معرفة الواحد والاثنين، وسائر الاعداد، والخبر، والاستخبار، والترجي، والتمني، والنداء، وغير ذلك من المعاني التي وضعت لها الأسماء، وربما وضعوا لكثير من المسميات ألفاظا مترادفة مع الاستغناء عنها، ومنها ما يخص كل واحد واحد من الألفاظ المذكورة من قبل.
أما (من) الاستفهامية: كقول القائل من جاءك؟ فلا يخلو إما أن تكون حقيقة في الخصوص، أو العموم، أو مشتركة بينهما، أو موقوفة، أو ليست موضوعة لاحد الامرين، لا حقيقة ولا تجوزا: والأول محال، وإلا لما حسن أن يجاب بجملة العقلاء، لكونه جوابا عن غير ما سأل عنه، ولا جائز أن تكون مشتركة أو موقوفة، وإلا لما حسن الجواب بشئ إلا بعد