ومن الواقفية من فصل بين الاخبار، والوعد، والوعيد، والامر، والنهي، فقال بالوقف في الاخبار والوعد والوعيد، دون الأمر والنهي.
والمختار إنما هو صحة الاحتجاج بهذه الألفاظ في الخصوص لكونه مرادا من اللفظ يقينا سواء أريد به الكل أو البعض، والوقف فيما زاد على ذلك. ومنهاج الكلام فعلى ما عرف في التوقف في الامر بين الوجوب والندب فعليك بنقله إلى هاهنا، وإنما يتحقق هذا المقصود بذكر شبه المخالفين والانفصال عنها.
ولنبدأ من ذلك بشبه أرباب العموم، وهي نصية، وإجماعية، ومعنوية.
أما النصية، فمنها قول الله تعالى: * (ونادى نوح ربه، فقال: رب، إن ابني من أهلي، وإن وعدك الحق) * (11) هود: 45) تمسكا منه بقوله تعالى: * (إنا منجوك وأهلك) * (2) العنكبوت: 33) وأقره الباري تعالى على ذلك، وأجابه بما دل على أنه ليس من أهله، ولولا أن إضافة الأهل إلى نوح للعموم، لما صح ذلك.
ومنها أنه لما نزل قوله تعالى: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * (21) الأنبياء: 98) قال ابن الزبعرى لأخصمن محمدا ثم جاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال له:
وقد عبدت الملائكة والمسيح، أفتراهم يدخلون النار واستدل بعموم (ما) ولم ينكر عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، ذلك، بل نزل قوله تعالى غير منكر لقوله، بل مخصصا له بقوله تعالى: * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) * (21) الأنبياء: 101)