وعلى هذا، فالمختار إنما هو كون الاسم اسم الامر متواطئا في القول المخصوص والفعل، لا أنه مشترك، ولا مجاز في أحدهما.
البحث الثاني: في حد الامر.
وقد اختلفت المعتزلة فيه بناء على إنكارهم لكلام النفس:
فذهب البلخي وأكثر المعتزلة إلى أن الامر هو قول القائل لمن دونه افعل أو ما يقوم مقامه. وأراد بقوله (يقوم مقامه) أي في الدلالة على مدلوله، وقصد بذلك إدراج صيغة الامر من غير العربي في الحد. وهو فاسد من ثلاثة أوجه:
الأول: أن مثل ذلك قد يوجد فيما ليس بأمر بالاتفاق، كالتهديد في قوله تعالى:
* (اعملوا ما شئتم) * (41) فصلت: 40) والإباحة في قوله: * (وإذا حللتم فاصطادوا) * (5) المائدة: 2) والارشاد في قوله:
* (فاستشهدوا) * (6) النساء: 15) والامتنان كقوله: * (كلوا مما رزقكم الله) * (6) الانعام: 142) والاكرام كقوله * (ادخلوها بسلام آمنين) * (15) الحجر: 46) والتسخير، والتعجيز، إلى غير ذلك من المحامل التي يأتي ذكرها.
الثاني: أنه يلزم من ذلك أن تكون صيغة افعل الواردة من النبي صلى الله عليه وسلم، نحونا، أمرا حقيقة لتحقق ما ذكروه من شروط الامر فيها. ويلزم من ذلك أن يكون هو الآمر لنا بها، ويخرج بذلك عن كونه رسولا، لأنه لا معنى للرسول غير المبلغ لكلام المرسل، لا أن يكون هو الآمر والناهي، كالسيد إذا أمر عبده وسواء كانت صيغته مخلوقة له، كما هو مذهبهم، أو لله تعالى، كما هو مذهبنا.
الثالث: أنه قد يرد مثل هذه الصيغة من الأعلى نحو الأدنى ولا يكون أمرا، بأن يكون ذلك على سبيل التضرع والخضوع وقد يرد من الأدنى نحو الاعلى، ويكون أمرا، إذا كانت على سبيل الاستعلاء، لا على سبيل الخضوع والتذلل، ولذلك يوصف قائلها بالجهل والحمق بأمره لمن هو أعلى رتبة منه.
ومنهم من قال: الامر صيغة افعل على تجردها من القرائن الصارفة لها عن جهة الامر إلى التهديد، وما عداه من المحامل.