كما اشتقوا اسم القارورة للزجاجة المخصوصة، من قرار المائع فيها، ومنعوا من ذلك في الجرة والكوز ولم يرد مثله فيما نحن فيه.
الرابعة: أن جمع الامر الحقيقي في القول المخصوص بأوامر، وهو لازم له لنفس الامر لا للمسمى، وهو غير متحقق في الفعل، بل إن جمع فإنما يجمع بأمور.
الخامسة: أن الامر الحقيقي له متعلق وهو المأمور، وهو غير متحقق في الفعل، فإنه، وإن سمي أمرا، فلا يقال له مأمور. ويلزم من انتفاء اللازم انتفاء الملزوم.
السادسة: أن من لوازم الامر الحقيقي وصفه بكونه مطاعا أو مخالفا، ولا كذلك الفعل. وفي هذه الحجج نظر:
أما الأولى فلقائل أن يقول: لا نسلم أنه يلزم من كونه حقيقة في الفعل، أن يكون مشتركا إذا أمكن أن يكون حقيقة فيهما، باعتبار معنى مشترك بين القول المخصوص، والفعل، فيكون متواطئا.
فإن قيل: الأصل عدم ذلك المسمى المشترك، فلا تواطؤ، قيل: لاخفاء باشتراكهما في صفات، وافتراقهما في صفات فأمكن أن يكون بعض الصفات المشتركة هو المسمى كيف وإن الأصل أن لا يكون اللفظ مشتركا ولا مجازا، لما فيه من الافتقار إلى القرينة المخلة بالتفاهم. وليس أحد الامرين أولى من الآخر.
فإن قيل: ما وقع به الاشتراك لا يخرج عن الموجود والصفة والشيئية وغير ذلك، وأي أمر قدر الاشتراك فيه، فهو متحقق في النهي وسائر أقسام الكلام، ولا يسمى أمرا والقول بأنه متواطئ ممتنع. كيف وإن القائل قائلان:
قائل إنه مشترك وقائل إنه مجاز في الفعل. فإحداث قول ثالث يكون خرقا للاجماع، وهو ممتنع.