قلنا: أما الأول، فغير صحيح، وذلك أن مسمى اسم الامر إنما هو الشأن والصفة، وكل ما صدق عليه ذلك، كان نهيا أو غيره؟ فإنه يسمى أمرا حقيقة. وعلى هذا فقد اندفع ما ذكروه من خرق الاجماع فإن ما ذكرناه من جعل الشأن والصفة مدلولا لاسم الامر، فمن جملة ما قيل وإن سلمنا أن ذلك يفضي إلى الاشتراك، ولكن لم قيل بامتناعه. والقول بأنه مجاز مخل بالتفاهم، لافتقاره إلى القرينة، وإنما يصح أن لو لم يكن اللفظ المشترك عند إطلاقه محمولا على جميع محامله، وليس كذلك على ما سيأتي تقديره في مذهب الشافعي والقاضي أبي بكر، سلمنا أنه خلاف الأصل، غير أن التجوز أيضا خلاف الأصل، وليس أحد الامرين أولى من الآخر.
فإن قيل: إلا أن محذور الاشتراك أعظم من محذور التجوز، فكان المجاز أولى، وبيانه من جهة الاجمال، والتفصيل:
أما الاجمال فهو أن المجاز أغلب في لغة العرب من الاشتراك، ولولا أنه أوفى بتحصيل مقصود الوضع، لما كان كذلك وأما التفصيل فمن وجهين:
الأول: أن المحذور اللازم من الاشتراك بافتقاره إلى القرينة لازم له أبدا، بخلاف المجاز، فإن المحذور إنما يلزمه بتقدير إرادة جهة المجاز، وهو احتمال نادر، إذ الغالب إنما هو إرادة جهة الحقيقة.
الثاني: أن المحذور لازم في المشترك في كل محمل من محامله، لافتقاره إلى القرينة في كل واحد منها، بخلاف المجاز، فإنه إنما يفتقر إلى القرينة بتقدير إرادة جهة المجاز، لا بتقدير إرادة جهة الحقيقة. قيل هذا معارض من عشرة أوجه: