وأما الاجماع فهو أن الأمة في كل عصر لم تزل راجعة في إيجاب العبادات إلى الأوامر من قوله تعالى: * (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * (2 البقرة: 43) إلى غير ذلك، من غير توقف. وما كانوا يعدلون إلى غير الوجوب إلا لمعارض.
وأيضا، فإن أبا بكر، رضي الله عنه، استدل على وجوب الزكاة على أهل الردة بقوله: * (وآتوا الزكاة) * (2 البقرة: 43) ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، فكان ذلك إجماعا.
وأما من جهة اللغة فمن وجوه:
الأول وصف أهل اللغة من خالف الامر بكونه عاصيا ومنه قولهم:
أمرتك، فعصيتني وقوله تعالى: * (أفعصيت أمري) * (20 طه: 93) وقول الشاعر:
أمرتك أمرا حازما فعصيتني والعصيان اسم ذم، وذلك في غير الوجوب ممتنع. وأيضا فإن السيد إذا أمر عبده بأمر، فخالفه، حسن الحكم من أهل اللغة بذمه واستحقاقه للعقاب، ولولا أن الامر للوجوب لما كان كذلك.
أما من جهة العقل فمن وجوه:
الأول أن الايجاب من المهمات في مخاطبة أهل اللغة، فلو لم يكن الامر للوجوب لخلا الوجوب عن لفظ يدل عليه، وهو ممتنع مع دعو الحاجة إليه.
وأيضا فإنه قد ثبت أن الطلب لا يخرج عن الوجوب والندب، ويمتنع أن يكون حقيقة في الندب، لا بجهة الاشتراك ولا التعيين ولا بطريق التخيير،