عدم الوثوق به، فيدل على أن المدار على الوثوق. وقريب منه ما عن تفسير العسكري عليه السلام الوارد في التقليد، بناء على عمومه للرواية، كما تقدم عند التعرض للنصوص، وعلى أن ظاهر التعليل فيه كون اعتبار ما اعتبر فيه من الشروط لأجل ملازمتها للوثوق، لا تعبدا. مضافا إلى ما تقدم بطرق متعددة من قولهم عليهم السلام: (لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها)، بناء على أن المراد بالصادق من له ملكة الصدق الذي هو الثقة، لا من هو صادق بالفعل في الخبر الشخصي، لندرة الاطلاع على ذلك في غير المعصوم. فتأمل.
فإن النصوص المذكورة ظاهرة في حجية خبر الثقة وإن لم يكن عادلا، بل ظاهر كثير منها المفروغية عن ذلك، مع اعتضادها ببعض المطلقات، وبما تقدم من أن هذا حيث كان ارتكازيا كان حمل بقية النصوص عليه قريبا جدا، وإن لم يمكن دعوى دلالتها عليه، لعدم ورودها في مقام البيان. والتأمل في جميع ذلك يوجب القطع بحجية خبر الثقة.
بل قد يدعى أن أخذ الوثوق في الراوي إنما هو لأجل حصول الوثوق بروايته، لمناسبته للارتكاز العقلائي، فلو فرض حصول الوثوق برواية من ليس ثقة في نفسه دخل في الأدلة المذكورة.
وهو لا يخلو عن إشكال، لان الظاهر كون الوثوق بالراوي موجبا لحجية روايته وإن لم يحصل الوثوق بها ما لم تقم القرائن الموجبة لاستبعاد صدقها.
بل قد يقال: إن المتيقن من النصوص المتقدمة حجية رواية الثقة لا كل خبر له، وحينئذ فلا يجتزأ في توثيق الراوي بخبر الواحد، بل لا بد من العلم به أو قيام البينة. وهو موجب لسقوط كثير من الروايات.
اللهم إلا أن يتعدى عن مورد النصوص إلى مطلق خبر الثقة لفهم عدم الخصوصية، ولا سيما مع كون خصوصية خبر الثقة ارتكازية يصعب التفكيك فيها بين الموارد. فلاحظ.