الحذر تبعا لظهورها في وجوب الانذار، لأنها ظاهرة في كونه غاية له، بمقتضى كلمة (لعل) المسوقة مساق التعليل، والعلة إذا كانت مما يترتب على المطلوب كانت غاية له مطلوبة مثله.
وحينئذ فوجوب الحذر راجع إلى حجية قول المنذر بالأحكام الالزامية القابلة للحذر. ويتم في غيرها بعدم الفصل، بل بفهم عدم الخصوصية، بعد ظهورها في كون الحذر من الأمور المترتبة طبعا على الانذار، لا أنها في مقام تشريعه بعده تعبدا تأسيسا من الشارع، وذلك إنما يكون بلحاظ السيرة العقلائية المرتكز مضمونها في الأذهان، فيكون ظاهر الآية الشريفة إمضاءها والجري عليها، ومن الظاهر عدم خصوصية الاحكام الالزامية في السيرة المذكورة.
وبذلك يندفع توهم أن الحذر كما يكون بقبول الخبر وحجيته كذلك يكون بالعمل عليه احتياطا لتنجز الواقع المحتمل به، فغاية ما تدل عليه الآية الشريفة منجزية الخبر للتكليف المحتمل، وهو أعم من حجته عليه، وحيث لا موضوع لذلك في الخبر الذي لا يتضمن تكليفا كان خارجا عن مدلولها.
وجه الاندفاع: أن ذلك لا يناسب ظهور الآية في إمضاء أمر ارتكازي، كما تقدم، لان الامر الارتكازي الذي جرت عليه سيرة العقلاء هو حجية الخبر وقبوله، لا وجوب الاحتياط معه، بل هو - لو تم - يحتاج إلى جعل شرعي تأسيسي لا يناسب مساق الآية الشريفة.
مضافا إلى المفروغية ظاهرا عن الملازمة بين وجوب الحذر عقيب الخبر وحجيته، وذلك كاف في المطلوب لو فرض قصور الآية بمدلولها اللفظي عن إفادته.
وبما ذكرنا من ظهور الآية في إمضاء سيرة العقلاء يظهر وجه اختصاصها بالخبر الموثوق به على ما يأتي تفصيله، لعدم بناء العقلاء على حجية كل خبر، فلا حاجة معه إلى طلب الدليل على التخصيص.