للكتاب والاستدلال به متسالمين على حجيته، حتى اشتهر بينهم عده أول الأدلة الأربعة، وتقديمه على سائر الأدلة الظنية، مع أن النصوص المتقدمة نصب أعينهم قد تضمنتها كتبهم، وحفظتها صدورهم، ووعتها قلوبهم، وما ذلك إلا لعدم صلوحها بنظرهم للردع عن حجيته، ولا للمنع عن العمل به.
وبهذا يظهر حال بقية الوجوه التي استدل بها للأخباريين، فقد استدل لهم بوجوه كثيرة لا مجال للتعويل عليها بعد ما عرفت من إجماع الأصحاب وتسالمهم على حجية ظواهر الكتاب.
مع أنها في أنفسها غير صالحة للاستدلال.
منها: ما عن السيد الصدر - على اضطراب كلامه - من أن الظواهر من المتشابه الذي ورد النهي عن العمل به في الكتاب والسنة، وأن المحكم خصوص النصوص القطعية الدلالة. ولو فرض الشك في شمول المتشابه للظواهر كفى في منع العمل بها.
وفيه: أن المتشابه هو المحتاج للتأويل - كما تضمنته الآية الكريمة - إما لاجماله في نفسه، أو لمصادمته لظهور مثله، أو لدليل قطعي مانع من البناء عليه، ولا يشمل الظواهر التي لا معارض لها والتي يبني العقلاء على العمل بها.
ومن ثم كان ظاهر الآية الكريمة المفروغية عن حرمة العمل بالمتشابه، لا النهي عنه تأسيسا ردعا عن طريقة العقلاء في العمل بالظواهر.
ولو فرض إجمال المراد بالمتشابه لزم الاقتصار فيه على المتيقن، فلا ينهض لاثبات الردع عن الظواهر، ويلزم العمل بها، لأنه مقتضى الأصل الذي اعترف به في كل ظاهر.
ومنها: أن ما دل من الروايات على وقوع التحريف في القرآن مانع من العمل به، لاحتمال ضياع القرآن الموجبة لتبدل ظهوره. ولا مجال للرجوع لأصالة عدم القرينة في الظواهر التي وصلت إلينا، لعدم بناء العقلاء عليها في مثل