الرافعة للاختلاف، لا الحجة التي يرجع إليها في مقام العمل.
وإن شئت قلت: ظاهر كلام الراوي الإشارة إلى الواقع الخارجي الذي كان عليه الناس، حيث تمسك كل فئة من القرآن بما يناسب رغباتهم وآراءهم ليجادلوا به مع تجاهلهم لغيره، غفلة أو تغافلا عن اشتماله على المجمل والمتشابه والظهورات المتنافية، وعن عدم وفاء ظواهره ببيان تمام الواقع، لوجود غيره من الأدلة من سنة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، وأن ذلك سبب للتفرق والانقسام في الأمة، ولا يمكن تجنبه إلا بنصب مرجع يحكم فيه ويبين ما خفي منه، ولا ظهور له في الردع عن العمل بظاهر القرآن على أنه حجة كسائر الحجج بعد الفحص عما ينافيها.
وأما رواية عبيدة فهي وإن كان لها نحو تعلق بالمطلوب، لورودها في الفتوى، إلا أنها مع ضعف سندها - لا يبعد حملها على بيان عدم جواز الاستغناء بالكتاب الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وآله من دون رجوع للأئمة عليهم السلام تنبيها على مقام أهل البيت عليهم السلام الذي كان مجهولا حينئذ، كما يشهد به صدرها الظاهر في التنبيه على عروض النسخ أو الكذب أو نحوهما مما يمنع من الاكتفاء بسنة النبي صلى الله عليه وآله، فإنه مسوق لبيان عدم جواز العمل بما روي منها على ما هو عليه والاستغناء به عن أهل البيت عليهم السلام، ولا ينافي حجيتها بعد استكمال الفحص، وحينئذ فيراد بالرجوع في ما اخذ من الكتاب لعلماء آل محمد صلى الله عليه وآله قبول ما يرد عنهم فيه، وعدم الاستغناء عنهم به، كما هو طريقة العامة، فلا ينافي حجيته بعد الفحص وعدم العثور على ما ينافيه منهم عليهم السلام.
وأما الطائفة الثانية فهي - على كثرتها - أجنبية عما نحن فيه، إذ لا تدل إلا على لزوم قبول ما يرد من الأئمة عليهم السلام في تفسير القرآن وتأويله وعدم الاستغناء عنهم به وفي تأويله، كما عليه العامة، لا عدم حجية ظاهره إذا لم يرد منهم ما ينافيه.