إما لانكار التحسين والتقبيح العقليين - كما عن الأشاعرة - أو لكون المولى ممن يمكن في حقه الخروج عن ذلك كالموالي العرفيين، وحينئذ تكون الأحكام المذكورة كالأحكام الظاهرية على ما ذكره قدس سره، فتكون مضادة لها، كتضاد الاحكام الظاهرية المختلفة فيما بينها، ولا ينهض الوجه المذكور بدفع المحذور حينئذ.
وثانيا: أشرنا إليه آنفا من عدم كون الاحكام الواقعية ناشئة عن الإرادة والكراهة المسببتين عن المصلحة والمفسدة في المتعلق، ليكون منشأ تضادها تضاد مبادئها، بل هي ناشئة عن الخطاب بداعي جعل السبيل، أو بداعي رفع الحرج، وحيث كانت متقومة بنحو اقتضائها للفعل كانت متضادة في أنفسها، لان لكل منها نحو اقتضاء للفعل من قبل المولى لا يناسب اقتضاء الآخر له، ولذا كان تقاد الاحكام ارتكازيا، حتى بناء على عدم تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات، ومن الظاهر مشاركة الاحكام الواقعية للظاهرية في ذلك، فإذا كان الحكم الظاهري مخالفا للواقعي كان مقتضاهما من حيث العمل مختلفا، ولزم التضاد بينهما كالحكمين الواقعيين.
السادس: ما ذكره بعض مشايخنا مبنيا على بعض ما تقدم في الوجه السابق، وحاصله: أن حقيقة الأحكام التكليفية جعل متعلقاتها في ذمة المكلف واعتبارها عليه كالدين في ذمة المديون، وعليه فهي اعتبارات صرفة خفيفة المؤنة لا تضاد بينها في أنفسها، وإنما يكون تضادها عرضيا باعتبار تضاد مباديها - من الشوق والكراهة والمصلحة والمفسدة - وتضاد آثارها في مقام الامتثال، لتعذر جمع المكلف بينها فيه.
وهذا إنما يقتضي التضاد فيما لو كان الحكمان المختلفان معا واقعيين أو ظاهريين، دون ما لو كان أحدهما واقعيا والآخر ظاهريا، لعدم التنافي بين مباديهما ولا بين آثارهما، أما المبادئ فلعدم كون الحكم الظاهري ناشئا عن