الخبر موافق للأصول الاسلامية والقواعد العقلية والشرعية، وهذا معنى قولهم عليهم السلام: " إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه " (1)، هذا مسلكنا في مقابل المسلك التجزيئي وهو اعتبار خبر الثقة حجة مستقلة وكذلك الشهرة والاجماع المنقول حجتان مستقلتان لو قيل بحجيتهما لا أن هذه الأمور مقدمات تكوينية للحجة الواقعية كما يراه المسلك الأول، وبناءا على مسلك الوثوق فقد طرحنا بحثا في تاريخ تدوين الحديث وكيفيته لنتعرف من خلاله على الكتب الحديثية عند الشيعة والسنة ومدى كفاءة مؤلفيها في الاعتماد على نقلهم وطريقة التأليف والجمع عندهم، وهذا يفيدنا معرفة قيمة أحاديث الشيعة وقيمة كتب الحديث بالمقارنة من حيث الضبط والدقة بين الكتب الأربعة ويفيدنا أوثقية أحاديثنا بالنسبة لأحاديث الصحاح الستة، لأنه قد يدعى عكس ذلك بحجة أن أحاديثهم أقرب لعصر الرسالة لكن الاطلاع على تاريخ تدوين الحديث عند أهل السنة وطريقة تأليفهم يفيد الانسان بصيرة بضعف أكثر الاسناد وعدم الضبط في نقلها وتدوينها.
ومما يبتني على مسلك الوثوق أيضا بحث أسباب اختلاف الحديث فإنه بحث لم يطرح في كتب علم الأصول عند السابقين وطرحه بعض المتأخرين طرحا مختزلا بدون شواهد حديثية وروائية على البحث، ونحن نرى أن أهم بحوث تعارض الأدلة هو بحث أسباب اختلاف الحديث فإن الفقيه إذا أحاط بهذه الأسباب استطاع الجمع بين الأحاديث المختلفة جمعا عرفيا من خلال خبرته بأسباب الخلاف من دون حاجة للرجوع إلى روايات العلاج، فإنها بين ما هو غير تام دلالة وما هو غير تام سندا حتى حملها صاحب الكفاية على الاستحباب، ونحن قد فصلنا هذا البحث وملأناه بالشواهد التاريخية والحديثية