العام لهذه الهيئة، إذ لا وعائية في الزمان (1).
ولكننا لا نوافق على هذه الملاحظة المذكورة في تهذيب الأصول، والسبب في ذلك أن النظرة الفلسفية للزمان والمكان في اعتبارهما مقارنين للعمل لا وعائين له لا دليل على واقعيتها في مقابل الرؤية العقلائية العامة للزمان والمكان، وهي رؤية الوعائية والظرفية كما تدل عليه اللغات البشرية المعروفة في تعبيرها عن الزمان والمكان بأدوات الاحتواء والاشتمال.
وعلى فرض صحة النظرية الفلسفية فإن الألفاظ في مقام وضعها لم تلاحظ مداليلها الفلسفية وإنما وضعت للمفاهيم العرفية العقلائية.
ولا ريب أن العقلاء يرون علاقة المكان والعمل هي علاقة الوعائية والاشتمال، وبما أن المكان وعاء فالزمان وعاء أيضا، وذلك لان المجتمع العقلائي إنما تصور الزمان وقام برسمه وانتزاعه من خلال زاوية المكان، فإنه لما أحس بطلوع نور الشمس على الأرض رسم مفهوم النهار وعندما حل الظلام على الأرض رسم مفهوم الليل، وعندما نظر لمسيرة القمر وتأمل فيها انتزع مفهوم الشهر، كما أننا نرى العرف يقولون الآن ليل باعتبار الظلمة المكانية بينما هذا الآن نفسه في النصف الآخر للكرة الأرضية هو نهار.
فهذه شواهد على اندماج الزمان في المكان وارتباطه به، ولذلك عبر بعض الفلاسفة المعاصرين عن هذه الرؤية ب (زمكان) مشيرا لعلاقة الاندماج بين الزمان والمكان بحيث أن المجتمع البشري لم ينطلق لتصور الزمان الا من نافذة المكان، وبما أن المكان يستبطن الوعائية والظرفية فكذلك الزمان المنتزع منه، وحينئذ فيصح جعل هيئة مفعل - مثلا - للجامع الوعائي بين الزمان