وبعد هذه المقدمة نستعرض الشواهد على الوقوع وهي على قسمين:
الأول: ما يتعلق باطلاق اللفظ مع إرادة عدة معاني.
الثاني: ما يتعلق باستعمال اللفظ في عدة معاني.
الأول: وهو اطلاق اللفظ وإرادة صنفه أو نوعه أو مثله مع إرادة معناه، وله عدة أمثلة:
أ - ما ذكر في مقدمة كتاب الصحاح في اللغة للجوهري أن أبا عبد الله الفيومي أنشد في حضرة الأمير محمد المصري شعرا يذم به كتاب الصحاح ويثني على كتاب القاموس في اللغة وهو:
لله قاموس بطيب وروده * أغنى الورى من كل معنى أفخر نبذ الصحاح بلفظه والبحر من * عاداته يلقي صحاح الجوهري ولكن حين الانشاد قرأ لفظ الصحاح مكسور الصاد، فقال الأمير:
الصحاح لا تكسر (1)، وظاهر ذلك أنه أطلق لفظ الصحاح وأراد أمرين:
1 - نفس اللفظ فإنه مفتوح لا مكسور، إذ المكسور جمع صحيح وهو لا يريد الجمع بل يريد المصدر.
2 - معناه وهو كتاب الصحاح للجوهري، وقوله لا تكسر كناية عن قيمة الكتاب وانها لا يمكن كسرها.
وهذا شاهد على اطلاق اللفظ مع إرادة عدة معاني.
ب - ما ذكر عن بعضهم أنه قال: (قلب بهرام ما رهب) وهذا من باب اطلاق اللفظ وإرادة أمرين:
1 - أن لفظ بهرام لو قلبت كانت ما رهب فهو يريد أن ينبه على مقلوب اللفظ، نحو قولهم: سر فلا كبا بك الفرس، ونحو: كل في فلك، فإنها تنقلب