واستخدم في ذلك القرائن والمثيرات الموجبة لتصور المعنى تتحقق العلاقة الوثيقة بين اللفظ والمعنى، وهي علاقة السببية والتلازم لعامل الاقتران الحسي المؤكد، وهو ما يعبر عنه بالاقتران الشرطي عند علماء النفس.
وأما منشأ علاقة الهوهوية بين اللفظ والمعنى فهو وإن لم يتعرض له الفلاسفة لكن تحديده بنظرنا راجع لكثرة الحمل، وبيان ذلك يتم في أمرين:
أ - إن الفلاسفة قسموا الحمل لقسمين، مواطاة واشتقاق، فالأول حمل هو هو والثاني حمل ذو هو، والتقسيم المذكور انما هو بحسب ظاهر النسبة الاسنادية في القضية، حيث إن المسند إن صح اسناده للموضوع بلا واسطة فالحمل مواطاة وان احتاج اسناده لتوسيط مفهوم ذو وصاحب فهو حمل اشتقاق، لكن كلا القسمين عند التأمل والتحليل هو حمل مواطاة، إذ المفهوم الحقيقي للحمل هو خلق الاتحاد والالتحام بين الموضوع والمحمول بحيث يكون المحمول وجها للموضوع إلا أن يكون مقصودهم بحمل الاشتقاق أنه مصداق مجازي للحمل لا مصداق حقيق لان حقيقة الحمل معناها الهوهوية كما ذكرنا وسيأتي بيانه.
ب - إن الفارق الجوهري بين كثرة التقارن الحسي بين أمرين وبين كثرة الحمل: أن الأول لا يذيب الاثنينية بين الطرفين ولا يزيل الفواصل الغيرية عنهما وإن أوجب تلازمهما وسببية أحدهما لحضور الآخر، أما كثرة الحمل فإنها تمحو الفواصل والاثنينية بين الموضوع والمحمول وتلبس أحدهما لباس الآخر بحيث تتحقق علاقة الهوهوية والاتحاد بينهما.
إذن فعامل الحمل - أي حمل اللفظ على المعنى - سواء في جانبه الكمي وهو الكثرة أم في جانبه الكيفي وهو انضمام المثيرات والأساليب الدعائية والاعلامية المختلفة يوجب رسوخ العلاقة بين اللفظ والمعنى، بحيث يصبح اللفظ وجها للمعنى وتندمج صورته في صوره المعنى ذهنا، نظير حمل الكرم