يكون التنزيل الا مثبتا لوجوب الشئ ادعاء، ومثله لا يكون موضوعا لحكم العقل بوجوب الإطاعة ووجوب مقدمته وحرمة ضده، لان ترتب هذ، انما هو على الوجوب الحقيقي ولو ظاهرا، لا على الوجوب الادعائي الذي هو نتيجة التنزيل بلحاظ الأعمال (ولكن) يندفع ذلك بما حققناه من رجوع الخطابات الظاهرية طرا باي لسان كانت، إلى كونها أحكاما طريقية راجعة في صورة المصادفة إلى كونها عين الاحكام الواقعية المبرزة بالخطابات الأولية وفى صورة عدم المصادفة إلى كونها أحكاما صورية وانشاءات محضة خالية عن الإرادة الجدية، حيث إن كونها أحكاما طريقية مبرزة عن الإرادة الواقعية في فرض المصادفة، يكفي في ترتب تلك اللوازم والآثار، وقد تقدم ما يوضح ذلك في أوائل الجزء الثالث من الكتاب وعند البحث عن وجه منجزية أوامر الطرق والأصول.
(الامر الثاني) يظهر من جماعة منهم العلامة الأنصاري قدس سره اعتبار الأصل المثبت إذا كانت الوساطة خفية خفاء يعد الآثار المترتبة عليها بالدقة والحقيقة عند العرف آثارا لذي الواسطة لا لها وقد ذكر الشيخ قدس سره لذلك أمثلة وهو كما أفادوه، فان ما ذكرنا من قصور أدلة التنزيل بمقتضى الانصراف عن الشمول للآثار الشرعية المترتبة بواسطة عقلية أو عادية انما هو في صورة عدم خفاء الواسطة بنحو يعد الأثر في العرف اثرا للواسطة (واما) في صورة خفائها الموجب لعد الأثر في العرف اثرا لذي الواسطة، فلا قصور في شمول دليل التنزيل لها على كل من مسلك جعل المماثل والامر بالبناء على بقاء المستصحب بلحاظ العمل (واما) الاشكال عليه بأنه لا اثر لخفاء الواسطة في التفصيل المزبور، بتقريب ان الأثر ان كان اثرا لذي الواسطة حقيقة وبحسب ما ارتكز عند العرف من مناسبات الحكم والموضوع بحيث تكون الواسطة من قبيل الجهات التعليلية لترتبه على ذي الواسطة، فحجية الأصل بالنسبة إليه وان كان مما لا مجال لانكارها الا انه لا يكون تفصيلا في المثبت، لأنه لا يرجع إلى المثبت (وان كان) اثرا لنفس الواسطة حقيقة لا لذيها، فهو وان كان من المثبت، ولكنه لا مجال لا ثباته بالأصل الجاري في ذي الواسطة، ولا ينفع فيه