لاستصحاب حكم الشرعية السابقة، فإنه على فرض بقائه في هذه الشريعة لابد من أن يكون بامضاء من الصادع به على ما يدل عليه قوله صلى الله عليه وآله ما من شئ يقربكم إلى الجنة ويبعدكم عن النار الا وقد أمرتكم به، فمع عدم العلم بالامضاء لا جدوى لاستصحاب بقاء حكم الشريعة السابقة (ولكن) فيه انه بعدما كان حكم كل شريعة حكما إلهيا ناشئا عن مصلحة تامة في حق العباد فبقائه في الشريعة اللاحقة ملازم لامضائه في تلك الشريعة، لان بقائه كاشف عن تمامية ملاكه ومعه يستحيل عدم امضائه، لان عدم امضائه مساوق لعدم تمامية ملاكه في الشريعة اللاحقة وهو خلف، فان المفروض كونه على تقدير بقائه واجدا للملاك في حق الموجودين في الشرعية اللاحقة بلا مزاحم (ومعه) كيف يمكن فرض عدم امضائه في الشرعية اللاحقة الا بفرض جهل الصادع بها وهو من المستحيل، وحينئذ يكون مرجع الشك في بقاء الحكم الثابت في الشريعة السابقة إلى الشك في بقاء ما هو ممضاة في الشريعة اللاحقة، وبالاستصحاب المزبور يثبت بقائه كما هو واضح ولعل الامر بالتأمل في كلامه إشارة إلى ما ذكرنا.
(التنبيه السابع) قد اختلفوا في اعتبار مثبتات الأصول وعدم اعتبارها على قولين بعد الوفاق منهم ظاهرا على اعتبارها في الامارات، والمشهور بين المتأخرين العدم وهو الأقوى خلافا لما يظهر من بعض المتقدمين (وتنقيح المقال) في المقام ان يقال: ان مرجع التنزيلات الواردة في أدلة الأصول بل الامارات (اما) ان يكون إلى تنزيل من الشارع في مقام التشريع، نظير قوله: الطواف بالبيت صلاة، ونحوه من التنزيلات الراجعة إلى جعل حقيقة المماثل أو الأثر الثابت للمنزل عليه (واما) ان يكون إلى الامر بالبناء على أن المشكوك هو الواقع بلحاظ ما يترتب عليه من الأعمال المتمشية من المكلف بلا نظر إلى جعل الأثر أو المماثل أصلا: فيكون مرجع حرمة النقض في الاستصحاب إلى وجوب المعاملة مع اليقين أو المتيقن السابق معاملة بقائه