مثل هذه الجهة تكون دائرة مدار الوفاء بالغرض في الجملة، وبذلك تكون الصحة والتمامية من الأمور الواقعية (وان كانت) من الأمور المجعولة من التكليف أو الوضع في أبواب المعاملات، فالصحة تكون منتزعة من تلك الجهة (لأنه) لولا تلك الجهة لما كان مجال لانتزاع صحة الشئ وتمامية من تلك الجهة، (فانتزاعية) الصحة حينئذ وواقعيتها تكون تابعة لجعلية الجهة التي لوحظ تمامية الشئ بالإضافة إليها وعدم جعليتها (وعليه) فلا بد في انتزاعيتها من التفصيل بحسب الآثار المقصودة من الشئ التي يراد تماميته بالإضافة إليها (ولا مجال) لدعوى انتزاعيتها من المجعول الشرعي مطلقا، ولا للمنع عن انتزاعيتها كذلك (نعم) لا تكون الصحة من الأمور المتأصلة بالجعل تأسيسا أو امضاء بل هي اما واقعية محضه كالصحة بلحاظ الوفاء بالغرض أو المسقطية للإعادة والقضاء، واما منتزعة من مجعول شرعي كالصحة في أبواب المعاملات من العقود والايقاعات، فالقول بكونها متأصلة بالجعل ساقط عن الاعتبار.
(واما الطهارة والنجاسة) فهما بمعنى النظافة والقذارة، وقد جعلها الشيخ قده من الأمور الواقعية، وهو كما افاده قدس سره في النظافة والقذارة العرفية المحسوسة، إذ لا ينبغي الاشكال في كونهما من الأمور الواقعية الخارجية التي يدركها العرف والعقلاء ولذلك تريهم يستقذرون عن بعض الأشياء كعذرة الانسان ولا يستقذرون عن بعض الآخر.
(وانما الكلام) فيهما شرعا فيما لم يكن في البين جهة محسوسة عرفية كنجاسة الخمر والكافر ونحوهما في أنهما أيضا من الأمور الواقعية الخارجية التي كشف عنها الشارع لنا بحكمه بوجوب الاجتناب، أو انهما من الاعتبارات الجعلية (ويمكن) ترجيح الثاني بجعلهما من الاعتبارات الجعلية الراجعة إلى نحو ادعاء من الشارع بنجاسة ما يراه العرف طاهرا وبالعكس بلحاظ ما يرى من المناط المصحح لهذا الادعاء بحيث لو اطلع العرف عليه لرتبوا عليه آثار النجاسة (كما يشاهد) نظيره في العرف حيث يرى عندهم بعض المصاديق الادعائية للطهارة والنجاسة، كاستقذارهم من أيدي غسال الموتى وأيدي من شغله تنظيف البالوعة واخرج الغائط منها واباء طبعهم عن المؤاكلة مع