المكاتيب والبضايع المهمة إلى من هو في البلاد البعيدة بلا وثوق منهم ببقائه على ما كان من الحياة والعقل والغنى مع مالهم من الاغراض المهمة، ومن غير تحقيق عن حال من يرسل إليه البضايع من كونه حيا أو ميتا ومن حيث بقائه على عقله وأمانته كل ذلك بمقتضى ارتكازهم وجبلتهم التي أودعها فيهم بارئهم كما يشير إلى ذلك بعض الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك، كقوله (ع): لزرارة لا ينبغي ان تنقض اليقين بالشك الظاهر في كون الاخذ بالحالة السابقة مع الشك في انتقاضها من الارتكازيات العرفية والطريقة العقلائية (ولا ينافي) ذلك ما يرى من مداقة بعض الأشخاص وعدم اخذه بالحالة السابقة الا بعد الوثوق والاطمئنان العادي بالبقاء، فان ذلك منهم نحو احتياط لحفظ أغراضهم وعدم تضييع أموالهم، ولذلك لا يكون الآخذ بالحالة السابقة بلا تحصيل الوثوق ملوما عندهم ولو مع انكشاف الخلاف (نعم) المناقشة الثانية في محلها، لما ذكرنا من عدم ثبوت تحقق البناء المزبور منهم حتى في الأمور الدينية والاحكام، الشرعية، لولا دعوى وضوح انه لا يكون لهم طريقة خاصة في الأمور الدينية وراء ما يسلكونه بارتكازهم في أمورهم الدنيوية مما يرجع إلى معاشهم ونظامهم، وانه بمقدمات عدم الردع يستكشف امضاء الشارع لتلك الطريقة المألوفة الارتكازية فتكون دليلا على حجية الاستصحاب (ولكن الشأن) في اثبات هذه الجهة، والا فبدونه يكفي في المنع عنه مجرد الشك في ذلك (وعلى فرض) ثبوت البناء المزبور منهم في الأمور الدينية لا مجال للتشبث بمقدمات عدم الردع لكشف امضاء الشارع (إذا يكفي) في الردع عن بنائهم العمومات الناهية عن العمل بما وراء العلم (وتوهم) عدم صلاحية هذه النواهي للرادعية عن بنائهم، لمكان مضادتها مع أصل وجود هذا البناء والسيرة المزبورة ولاستحالة تحقق هذه السيرة حتى من المتدينين منهم مع ثبوت ردع الشارع عنها (فمن وجود) هذه السيرة وتحققها بالوجدان بضميمة المضادة المزبورة يستكشف عدم صلاحية العمومات الناهية للرادعية عن بنائهم (مدفوع) بان بناء العقلاء من المسلمين على شئ تارة يكون بما انهم مسلمون ومتدينون بشرايع الاسلام، وأخرى يكون ذلك منهم لا بما هم مسلمون ومتدينون بها، بل بما هم
(٣٥)