رأسا حتى تبعا، فان ذلك مما لا يكاد توهمه من أحد.
(ومنها) الصحة والفساد، والطهارة والنجاسة، والرخصة والعزيمة (اما الصحة والفساد) فالصحة على ما شرحناه في مبحث الصحيح والأعم عبارة عن تمامية الشئ بلحاظ الجهة المرغوبة منه ويقابلها الفساد تقابل العدم والملكة (ففساد) الشئ عبارة عن نقصه وعدم تماميته بلحاظ الأثر المرغوب منه (نعم) حيث إن الجهة المرغوبة من الشئ تختلف باختلاف الآثار والاغراض يختلف الشئ الواحد صحة وفسادا باختلاف الآثار والاغراض، فيكون الشئ الواحد صحيحا بلحاظ اثر وغرض وفاسدا بلحاظ اثر وغرض آخر، (مثلا) المركب من عدة أمور لتحصيل اثر مخصوص به إذا فقد منه بعض اجزائه الذي يخل ببعض آثاره دون بعض يكون هذا الناقص فاسدا باعتبار خصوص ذلك الأثر، وصحيحا باعتبار اثر آخر (وبهذه) الجهة قلنا ان الاختلاف في تفسير الصحة في العبادة، تارة باسقاط الإعادة والقضاء كما في لسان الفقيه، وأخرى بموافقة المأتى به للشريعة وعدمها في لسان المتكلم، وثالثة غير ذلك، لا يكون اختلافا منهم في حقيقة الصحة لتكون من متعدد المعنى (بل الصحة) عند الجميع بمعنى واحد وهي التمامية، (وانما) الاختلاف بينهم في تطبيق هذا المفهوم الوحداني على وجود واحد باعتبار ما هو المهم عند كل فريق من الجهة المرغوبة منه في انظارهم (فالاثر) المهم في نظر الفقيه في العبادة حيث إنه سقوط الإعادة والقضاء فسرها بما يوافق غرضه، (كما) ان الأثر المهم في نظر المتكلم لما كان موافقة الامر والشريعة الموجبة لاستحقاق المثوبة، فسرها بما يوافق غرضه.
(وعليه) نقول انه بعد أن تختلف صحة الشئ الواحد وفساده بلحاظ الجهة المرغوبة منه، فلا بد في الحكم بانتزاعية الصحة وواقعيتها من ملاحظة الجهة التي أريد تمامية الشئ بالإضافة إليها (فان كان) تلك الجهة من الأمور الواقعية كالملاك والمصلحة تكون التمامية والصحة واقعية، لان كون الشئ بحيث يفي بالغرض ويترتب عليه الملاك والمصلحة امر واقعي لا مجعول شرعي ولا منتزع من امر مجعول ومن هذا القبيل، جهة المسقطية للقضاء والإعادة التي هي تلازم الاجزاء لا عينها (فان)