بينهما وبين الأصول في حجية المثبتات. (وأقصى) ما قيل حينئذ في الفرق بينهما أمران (أحدهما) ان الامارة على الشئ وان لم تكن حاكية الا عن نفس المؤدى ولا كان التعبد بها الا تعبدا واحدا بمدلولها المطابقي (ولكن) التعبد بالمؤدى يشمل اللوازم المترتبة عليه ولو بوسائط عقلية أو عادية (وفيه مالا يخفي) فإنه بعد عدم كون التعبد بها الا تعبدا بمدلولها المطابقي، كيف يمكن دعوى شموله لما يتبعه من اللوازم، مع أن هذا الملاك موجود في الأصول أيضا، فلم لا يقال به فيها، فيطالب بالفرق بينهما (وثانيهما) ما عن بعض الأعاظم قدس سره فإنه بعد التزامه بان للامارة على الشئ كحيوة زيد لا تكون الا حكاية واحدة عن المؤدى وهو الحياة لا حكايات متعددة حكاية عن حياة زيد وحكاية عن نموه ونبات لحيته، قال: ان الوجه في حجية مثبتات الامارة دون الأصول، هو ان الامارة تكون محرزة للمؤدى وكاشفة عنه كشفا ظنيا وان الشارع بأدلة اعتبارها قد أكمل جهة نقصها فصارت الامارة ببركة دليل اعتبارها كاشفة عن الواقع ومحرزة له كالعلم الوجداني وبعد انكشاف المؤدى يترتب عليه جميع ماله من الخواص والآثار على قواعد سلسلة العلل والمعلولات (وحاصل) ما افاده هو مقايسته الامارة بالعلم الوجداني، بدعوى انه كما أن بالعلم الوجداني بشئ كحيوة زيد مثلا يترتب جميع ما للمعلوم من اللوازم والآثار، كذلك بقيام الامارة عليه، فإنه بعد أن كان المجعول فيها هو الطريقية والكاشفية والوسطية في الاثبات تصير الامارة لا محالة ببركة دليل تتميم كشفها كاشفة عن الواقع كالعلم الوجداني فإذا أقامت على حياة زيد فبنفس اثباتها للحيوة يثبت قهرا جميع مالها من الخواص والآثار ولو بألف واسطة عقلية أو عادية على قواعد سلسلة العلل والمعلولات ولا يحتاج في اثبات اللوازم إلى حكاية الامارة عنها كحكايتها عن المؤدى (بخلاف) الأصول العملية، فإنه ليس فيها جهة كشف عن الواقع ولو ناقصا كي يكون المجعول فيها هو الطريقية، وانما المجعول فيها مجرد تطبيق العمل على المؤدى، اما بالبناء على أنه هو الواقع كالأصول المحرزة: أو بدونه كما في الأصول غير المحرزة، فلا يمكن المصير فيها إلى حجية المثبتات لعدم اقتضاء أدلتها أزيد من اثبات نفس المؤدى أو ما يترتب عليه من الحكم
(١٨٥)