كما يجرى الاستصحاب في الحكم الشرعي المستكشف من الدليل الشرعي حتى فيما كان الموضوع مأخوذا في لسان الدليل على نحو التقييد كالماء المتغير والصدق الضار والكذب النافع ونحو ذلك لعدهم الخصوصيات المأخوذة فيه في لسان الدليل من الحالات غير المقومة للموضوع (كذلك) يجرى في الحكم المستكشف من الدليل العقلي (واما الجزم) بانتفاء الحكم العقلي حينئذ لعدم دركه فعلا مع الشك في مناط حكمه، فغير ضائر بجريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستكشف منه، لما سيجئ من أن استتباع الحكم الشرعي للحكم العقلي انما هو في مقام الكشف والاثبات لا الثبوت، وانما هو في هذا المقام تابع تحقق مناطه واقعا فيمكن بقاء الحكم الشرعي ثبوتا ببقاء مناطه وان انتفى كاشفه الذي هو الحكم العقلي (فعلى كل تقدير) لا مجال للتفرقة في جريان الاستصحاب بين كون دليل الحكم شرعيا وكونه عقليا (نعم) بناء على أن عموم لا تنقض مسوق بلحاظ ما يستفاد من لسان الدليل حسب فهم العرف في تشخيص موضوعات الاحكام وتحديد مفاهيم الألفاظ ومداليلها، لا بلحاظ ما ارتكز في أذهانهم العرفية بما تخيلوه من الجهات والمناسبات، لا بأس بالتفرقة في جريان الاستصحاب بين الاحكام بلحاظ اختلاف أدلتها، فيفصل بين الثابت بالدليل اللفظي الظاهر في كون القيد من قيود الحكم كقوله: الماء إذا تغير ينجس والصدق إذا كان ضارا حرام، وبين الثابت بالدليل العقلي المثبت للحكم لعنوان خاص كالصدق الضار والكذب النافع بجريان الاستصحاب في الأول عند الشك في انتفاء قيده المعلوم قيديته أو الشك في قيديته ما يعلم انتفائه، لعدم تطرق الشك في أمثال ذلك إلى موضوع المستصحب، وعدم جريانه في الثاني لعدم انفكاك الشك في بقاء الحكم المستكشف منه عن الشك في بقاء موضوعه (ولكن) لازم ذلك هو تعميم الاشكال المزبور من هذه الجهة في الاحكام المستكشفة من الاجماع والسيرة أيضا، بداهة انه لا خصوصية لهذه الشبهة بالأحكام المستكشفة من الأدلة العقلية، بل هي تجرى في كل حكم شرعي يكون طريق كشفه غير الأدلة اللفظية من اللبيات عقلا كان أو اجماعا أو سيرة، فإذا ثبت حكم شرعي لموضوع خاص في حال من الأحوال باجماع أو سيرة قطعيه، فعند الشك في زوال
(٢١)