جريانه من جهة شرعية الإناطة وعدم شرعيتها، ففي الفرض الثاني لما كانت الإناطة بين موضوع الحكم وقيده شرعية يجري الاستصحاب في القيد والشرط وتترتب على استصحابهما الإناطة بين موضوع الحكم وقيده عقلا، بخلاف الفرض الأول فإنه تكون الإضافة والتقيد القائم بين الشيئين أمرا واقعيا كذات الموضوع ولا يقتضى الاستصحاب الجاري في القيد اثبات التقيد المزبور الاعلى القول بالمثبت (ولا دافع) لهذا الاشكال، الا دعوى كونه من باب خفاء الواسطة أو جلائها، أو دعوى كشف حجية المثبت في نحو هذه الموارد من جهة تطبيق الإمام (ع) الاستصحاب على الطهارة الحدثية والخبيثية ونحوهما هذا (ولكن) يندفع هذا الاشكال بأنه لا نعني من التقيد المأخوذ في الواجب على هذا المسلك الا الإضافة الخاصة المتقومة بذات المقيد والقيد، ومن الواضح انه كما أن بوجدان القيد واقعا يعتبر العقل تلك الإضافة الخاصة فيحكم بتحقق الصلاة المتقيدة بالطهور والستر مثلا، كذلك باستصحابه وتعبد الشارع بما هو طرف هذه الإضافة، فيعتبر العقل باستصحابه أيضا تلك الإضافة والقيد المزبور (وبالجملة) ان حكم العقل بتحقق الإضافة والتقيد تابع احراز تحقق طرفيها فمتى أحرز تحقق طرفها وجدانا أو تعبدا يعتبر العقل الإضافة الخاصة ولا يرتبط ذلك بباب المثبت كي يحتاج إلى التشبث بخفاء الواسطة أو جلائها، فلا فرق حينئذ بين المسلكين من هذه الجهة (وانما الفرق) بينهما في مقام الجعل من حيث جعلية الإناطة على أحد المسلكين وعدم جعليتها على المسلك الآخر لكونها أمرا واقعيا فتدبر.
(التنبيه الثامن) يعتبر في صحة الاستصحاب ان يكون المستصحب موضوعا كان أم حكما ذا اثر عملي بلحاظ بقائه حين توجيه الخطاب بعدم النقض إلى المكلف الذي هو ظرف التنزيل، لأنه الذي يقتضيه التعبد ببقاء الشئ عملا، فلابد في صحة هذا التنزيل من لحاظ الأثر الثابت للشئ حين التعبد بالبقاء والا فلا يكفي في صحة الاستصحاب