نفس العدم لا إلى المعدوم، ولأجل ذلك أنكر الاستصحاب في المقام وفي كلية الاعدام الأزلية (والا) فعلى ما ذكرنا من رجوعها إلى المعدوم، فلا مجال للمناقشة المزبورة كما هو ظاهر، وتنقيح الكلام بأزيد من ذلك موكول إلى محله (واما) ما افاده من المنع عن استصحاب عدم الجعل، لعدم ترتب اثر شرعي عليه في نفسه، وعدم اثباته لعدم المجعول ولكون الترتب فيه عقليا لا شرعيا (ففيه) أولا ان الجعل والمجعول نظير الايجاد والوجود، ليسا الا حقيقة واحدة وان التغاير بينهما انما هو بصرف الاعتبار (وثانيا) على فرض تغايرهما بحسب الحقيقة نقول: ان شدة التلازم بينهما لما كانت بمثابة لا يرى العرف تفكيكا بينهما حتى في مقام التعبد والتنزيل، بحيث يرى التعبد بأحدهما تعبدا بالآخر، نظير المتضايفين كالأبوة والبنوة، فلا قصور في استصحابه حيث يكون التعبد بعدمه تعبدا بعدم المجعول (وحينئذ) فعلى ما ذكرنا من التقريب في صحة استصحاب الوجود أيضا يتوجه اشكال الفاضل النراقي قدس سره من التعارض بين الأصلين.
(التنبيه الخامس) قد يطلق على بعض الاستصحابات الاستصحاب التعليقي تارة، والمشروط أخرى، باعتبار كون القضية المستصحبة قضية تعليقية حكم فيها بوجود الحكم على تقدير امر آخر، كالحكم بحرمة عصير العنبي ونجاسته على تقدير غليانه (وقد وقع) فيه الخلاف بين الاعلام في جريان الاستصحاب وعدمه (فقيل): بالعدم، لان الاستصحاب فرع الثبوت سابقا ولا ثبوت للمستصحب في القضايا التعليقية قبل وجود المعلق عليه الا فرضا، فان القضايا الطلبية المتضمنة للأحكام المجعولة انما تكون من سنخ القضايا الحقيقية التي تكون الحكم فيها في الفعلية والشأنية تابعا لفعلية وجود موضوعه. وشأنيته، فما لم يتحقق الموضوع بقيوده في الخارج لا يكون الحكم الا فرضيا لامتناع فعلية الحكم والتكليف قبل