أريد به نقل كلي المكتوب الحاصل بذلك الحصول إلى حصول آخر فلا مانع منه، ألا ترى أنه يصح أن يقال: انقل الحساب وحوله من هذا الدفتر إلى دفتر آخر، من دون ظهور تجوز فيه؟!
ومع الغض عن ذلك فكون النقل في مثله مجازا لا يستلزم كون النسخ أيضا مجازا، إذ قد يقال بكونه حقيقة في النقل مطلقا، سواء كان بمعناه الحقيقي أو المجازي. وقد يقال أيضا: بأن استعمال النسخ في المقام إن كان مجازا فلا يصح أن يكون مجازا عن النسخ بمعنى الإزالة، إذ لا مناسبة بينهما، فهو مجاز عن النسخ بمعنى النقل فيفيد كونه حقيقة فيه، لوضوح عدم جواز سبك المجاز عن المجاز، هذا.
وربما يظهر من القاموس أن المراد بنسخ الكتاب معنى آخر غير النقل، حيث فسره بالكتابة عن معارضة.
ولم يذكروا حجة للقول الثالث.
وربما يستدل له ببعض الوجوه المذكورة، والكلام في المقام طويل، وحيث إنه لا يتفرع عليه ثمرة أصولية فلنقتصر على ذلك.
وفي العرف رفع حكم شرعي بدليل شرعي، وزاد في التهذيب قوله: متأخر عنه على وجه لولاه لكان ثابتا. فقولنا: " حكم " يعم الأحكام الخمسة الشرعية والوضعية. والتقييد بالشرعي، لإخراج الحكم العقلي من الإباحة أو الحظر العقليين، فإن رفعه لا يعد نسخا، بل لو حكم الشارع بالإباحة أو الحظر قبل ورود البيان من الشرع لم يعد بيان خلافه نسخا، إذ ليس فيه رفعا للحكم الأول، بل تغيير لموضوعه وربما يجري ذلك في الأول أيضا.
نعم لو حكم الشرع بإباحته مطلقا ثم رفعه اندرج في النسخ قطعا، ويجري ما قلناه في الحظر الحاصل بسبب البدعة، لعدم تشريع الحكم وإن حكم به الشارع أيضا، فإن رفعه بتشريعه لا يعد نسخا، وقولنا: " بدليل شرعي " يراد به أن يكون الرافع للحكم هو الدليل الشرعي القائم عليه لا أمر آخر من عارض يقضي به