الإفتاء. وكيف يمكن القول بتكليفه بما يريد على مرتبة فهمه وإدراكه، وليس ذلك إلا من قبيل التكليف بما لا يطاق. وبنحو ذلك يجاب عن الثاني، فإن تلك الأوامر الواردة كلها خطابات شرعية متعلقة بمن يفهم تلك ويتفطن بها ويطلع عليها، وأما الجاهلون بها الغافلون عنها بالمرة ممن لا يتفطن لأزيد مما وصل إليه من جهة أبيه أو أمه ومن بمنزلتهما ولا يحتمل أن يكون تكليفه ما عدا ذلك فلا، وكيف! يعقل القول بتكليفهم بذلك وتوجيه تلك الخطابات إليهم مع وضوح بطلان تكليف الغافل وتكليف ما لا يطاق، فلا يتم الحكم بالبطلان مطلقا.
والجواب عنه: أن ما ذكر من لزوم التكليف بما لا يطاق إنما ينفى القول بتعلق ذلك التكليف بالغافلين، ولا يقتضي ذلك تكليفهم بالأخذ بقول آبائهم أو أمهاتهم، فإن ذلك أيضا مما لا دليل عليه. وكونهم مكلفين بالأباطيل والأعمال الفاسدة التي قرروها لهم مما لم يقم عليه إجماع ولا ضرورة.
فغاية الأمر أن يكونوا معذورين في ترك التكاليف الشرعية، وأما تكليفهم بتلك الأعمال المخالفة للشريعة ليقوم تلك الأعمال مقام الواقع ليكون تكليفا واقعيا ثانويا على نحو فتاوى المجتهد عند عدم إصابته فيحصل بها التقرب المطلوب حصوله فيحكم بحصول البراءة من التكاليف الواقعية من جهة الإتيان بها حتى أنه لو علم بالحال في الوقت أو خارجه سقط عنه تداركها، فمما لا يقضي به الوجه المذكور أصلا، وقضية الأصل كما عرفت عدم حصول الفراغ من جهة الإتيان بها، وسقوط التكليف من جهة المعذورية لا يقضي بحصول البراءة بالمرة، حتى أنه لو انكشف له الحال في الوقت أو خارجه لم يلزمه تداركه على تقدير وجوب قضائه عند فواته، وكذا الإتيان بما يعتقده مأمورا به لا يقوم مقام الواقع لما عرفت من انتفاء التكليف به. فدفع الاحتجاج المذكور بذلك مما لا وجه له.
جف قلمه الشريف، ويا ليت امتد في الليالي والأيام شكر الله سعيه وحشره مع سيد الأنام وفقنا الله بفهم كلماته وعلماء الأعلام وأنا العبد الذليل أقل الطلاب جرما وأكثرهم جرما ميرزا محمد