أداؤه على وجه يقطع معه بتفريغ الذمة في الحكم الشرعي، سواء حصل العلم بأدائها على طبق الواقع أو على طبق الطريق المقرر من الشرع وإن لم يعلم ولم يظن بمطابقتها لمتن الواقع.
وبعبارة أخرى لا بد من المعرفة بالتكليف وأداء المكلف به على وجه اليقين أو على وجه منته إلى اليقين من غير فرق بين الوجهين ولا ترتب بينهما.
نعم لو لم يظهر طريق مقرر من الشارع لمعرفتها تعين الأخذ بالعلم بالواقع مع إمكانه، إذ هو طريق إلى الواقع بحكم العقل من غير توقف لإيصاله إلى الواقع على بيان الشرع، بخلاف غيره من الطرق المقررة.
وظهر أيضا مما بينا تقرير الشارع طريقا إلى الواقع سوى العلم في معرفة الأحكام ولو مع انفتاح سبيل العلم، وهي الأدلة الشرعية مما لا يفيد العلم بالواقع حسبما يجئ تفصيل الكلام فيها في محلها إن شاء الله.
- خامسها - في بيان أن الحجة في معرفة الأحكام الشرعية في زمن الغيبة وانقطاع اليد من الرجوع إلى أرباب العصمة وانسداد باب العلم بالأحكام الواقعية هل هي ظن المجتهد مطلقا من أي طريق حصل إلا ما قام الدليل على عدم جواز الأخذ به بخصوصه من غير فرق بين الطرق المفيدة للظن، أو أن هناك طرق مخصوصة هي الحجة دون غيرها فيجب على المجتهد الأخذ بها دون ما عداها من الظنون الحاصلة من الطرق التي لم يقم على جواز الأخذ بها بخصوصها حجة؟
وهذه المسألة وإن لم تكن معنونة في كتب الأصول ولا تعرض لبيانها مستقلة أحد من علماء المعقول والمنقول، إلا أنه لا بد من بنائهم فيها على أحد الوجهين واختيارهم لأحد المسلكين ويمكن استعلام مذهبهم من الرجوع إلى طريقتهم وكيفية استنباطهم وملاحظة احتجاجاتهم كما سنشير إليه إن شاء الله وكان كلهم أو جلهم كانوا قاطعين بأحد الوجهين المذكورين حيث لم يعنونوا لذلك بحثا ولا ذكروا فيه خلافا ولا فصلوا فيه قولا مع ما يترتب عليه من الثمرة العظيمة والفائدة