معالم الدين:
أصل الحق امتناع توجه الأمر والنهي إلى شئ واحد. ولا نعلم في ذلك مخالفا من أصحابنا. ووافقنا عليه كثير ممن خالفنا. وأجازه قوم.
وينبغي تحرير محل النزاع أولا فنقول:
الوحدة تكون بالجنس وبالشخص. فالأول يجوز ذلك فيه، بأن يؤمر بفرد وينهى عن فرد، كالسجود لله تعالى، وللشمس، والقمر. وربما منعه مانع، لكنه شديد الضعف، شاذ. والثاني إما أن يتحد فيه الجهة، أو تتعدد. فان اتحدت، بأن يكون الشئ الواحد من الجهة الواحدة مأمورا به منهيا عنه، فذلك مستحيل قطعا. وقد يجيزه بعض من جوز تكليف المحال - قبحهم الله - ومنعه بعض المجيزين لذلك، نظرا إلى أن هذا ليس تكليفا بالمحال، بل هو محال في نفسه، لأن معناه الحكم بأن الفعل يجوز تركه، ولا يجوز. وإن تعددت الجهة، بأن كان للفعل جهتان، يتوجه إليه الأمر من إحديهما، والنهي من الأخرى، فهو محل البحث، وذلك كالصلاة في الدار المغصوبة، يؤمر بها من جهة كونها صلاة، وينهى عنها من حيث كونها غصبا، فمن أحال اجتماعهما أبطلها، ومن أجازه صححها.