حجة القول بقبوله للتجزي وجوه:
- الأول - ما أشار إليه المصنف ويأتي الكلام فيه إن شاء الله.
- الثاني - أن قضية حكم العقل بعد انسداد باب العلم وبقاء التكاليف هو الرجوع إلى الظن، لكونه الأقرب إلى العلم - حسب ما مر تفصيل القول فيه - سواء كان الظان به قادرا على استنباط غيره من الأحكام أو لا. فالذي يقتضيه الدليل المذكور قيام الظن مقام العلم للقادر على تحصيله، فالعامي الصرف الغير المتمكن من تحصيل المظنة واستنباط الأحكام عن الأدلة خارج عن موضوع المسألة، بخلاف المتجزي.
وبالجملة: أن العبرة بحال الظن حسب ما يقتضيه الدليل المذكور - على ما مر تفصيل القول فيه - فيحكم به، لقيامه مقام العلم من غير ملاحظة لحال الظان والمستنبط، فمهما كان المكلف قادرا على تحصيل الظن كان ذلك قائما عنده مقام العلم، مطلقا كان، أو متجزئا. وإن لم يكن قادرا على ذلك كما هو الحال في الخارج عن القسمين المذكورين فهو خارج عن مؤدى الدليل، وكان تكليفه شيئا آخر ويورد عليه: بأنه لو تم ذلك لدل على حجية الظن الحاصل لغير القادر على ملاحظة جميع الأدلة والتمكن عن البحث عن معارضاتها ووجوه دلالتها حتى العوام القادرين على تحصيل الظن بمجرد الرجوع إلى بعض الروايات أو ملاحظة ترجمتها، لكون الجميع ظنا بالحكم، بل قد يكون الظن الحاصل لهؤلاء أقوى من الظنون الحاصلة للمجتهدين، لعدم انسباق الشبهة إلى أذهانهم. والقول بخروج ظن هؤلاء بالإجماع مدفوع، بلزوم تخصيص القاعدة العقلية. فما دل على عدم حجية الظن المفروض يدل على عدم جواز التعويل على الوجه المذكور.
ويدفعه: أن قضية الدليل المذكور هو حجية كل ظن لم يقم الدليل على خلافه، فما قام الدليل على عدم جواز الأخذ به خارج عن موضوع تلك القاعدة، إلا أنه