دليل على حجية الظن الحاصل من الأخبار مطلقا تم الاستدلال، إلا أنه محل المنع، لعدم قيام الاجماع عليه كذلك، كيف! ولو سلم ذلك لكان بنفسه حجة مستقلة على جواز التجزي من غير حاجة إلى ضمها إلى ذلك.
حجة القول بالمنع من التجزي وجوه:
- أحدها - أصالة المنع من العمل بالظن الثابت من العقل، والعمومات الناهية عن الأخذ به كتابا وسنة خرج عنه ظن المجتهد المطلق بالإجماع فيبقى غيره تحت الأصل، إذ لم يقم دليل قطعي على حجية ظن المتجزئ كما قام على حجية ظن المجتهد المطلق.
وفيه: أن الأصل كما قضى بالمنع من العمل بالظن كذا قضى بالمنع من التقليد، بل هو أولى بالترجيح، لكونه كاشفا عن الواقع على سبيل الرجحان، بخلاف التقليد، إذ لا يدور مدار ذلك، سيما فيما إذا قضى الظن الحاصل للمتجزئ بخلافه.
ويمكن دفعه بما مرت الإشارة إليه: من أن ما دل على عدم جواز رجوعه إلى ظنه لما قضى بعدم حجية ظنه في شأنه كان الظن الحاصل له كعدمه، فيندرج حينئذ في عنوان الجاهل، فلا يندرج فيما دل على المنع من التقليد.
والقول بقضاء ما دل على المنع من التقليد أيضا باندراجه في العالم - لانتفاء الواسطة بين الأمرين - مدفوع، بأن ما دل على المنع من التقليد لا يفيد جواز عمله بالظن، إذ أقصى الأمر قضاء الإطلاقين بعدم جواز عمله بشئ منهما، لكن بعد دلالة إطلاق الأول على عدم جواز عمله بالظن يتعين عليه الأخذ بالتقليد، لاندراجه حينئذ بذلك في عنوان الجاهل حسب ما ذكرنا لا يقال: إنه بعد قضاء الإطلاقين بعدم جواز عمله بكل من الظن والتقليد وقضاء الاجماع بكون وظيفته في الشرع الأخذ بأحد الوجهين، لا بد من ملاحظة الترجيح بين الأمرين، أو التخيير، فلا يصح الحكم بتحكيم الأول نظرا إلى ما ذكر. أو (1) نقول: ذلك إنما