عاجزا عن إدراك المسائل المشكلة من دون تلقين الغير وتعليمه إياه لوجه الترجيح فلا يقتدر بنفسه على استخراجها والابتداء إليها - فالظاهر إدراجه في الفقيه، لصدق العنوان فيندرج تحت الاجماع القاضي بحجيته.
وربما يتراءى من ظاهر بعض كلماتهم عدم اندراجه فيه، نظرا إلى أن القدر المتيقن من الحكم بجواز التقليد هو تقليد المجتهد المطلق، وأما غيره فلم يقم دليل قاطع على جواز الرجوع إليه، وقضية الأصل عدم جواز الرجوع إليه وعدم الاكتفاء في الحكم بالبراءة بعد اليقين بالاشتغال بمجرد تقليده. والأظهر أن حجية ظنه بالنسبة إليه قاض بحجيته بالنظر إلى غيره أيضا في الجملة. وفي مشهورة أبي خديجة المتقدمة دلالة عليه. فلو انحصر الأمر في الرجوع إليه لم يبعد وجوبه.
نعم لو دار الأمر بين الرجوع إليه وإلى المطلق من الأحياء لم يجز الرجوع إليه، بناء على وجوب تقليد الأفضل، فلا فرق بينه وبين المطلق في ذلك. هذا بالنظر إلى ما يقتضيه الأدلة الظنية. وأما المقلد فلا يجوز له الرجوع إليه من غير قيام دليل قاطع عنده على جواز تعويله عليه، لما عرفت. ولو رجع إلى المجتهد المطلق في جواز رجوعه إليه لم يكن به بأس، كما إذا قلد الميت أو المفضول بتقليده الحي أو الأفضل في ذلك.
ولنتمم الكلام في مباحث الاجتهاد برسم أمور:
- أحدها - في بيان شرعية الاجتهاد وإثبات الاعتماد على ظن المجتهد، ويمكن الاستدلال عليها بوجوه:
الأول: العقل ويبتني ذلك على بيان انسداد باب العلم في كثير من الأحكام الشرعية بل معظمها وانحصار الطريق في العمل بالظن والأخذ بالظنيات والقواعد التي لا يفيد علما بالواقع في الخصوصيات، ويدل عليه بعد قضاء ضرورة الوجدان بذلك - إذ لا يحصل للنفس بعد كمال الجد وبذل الوسع في معرفة الأحكام وغاية