الغيري، ولا يجري ذلك بالنسبة إلى تحريم الجزء فإن وجوب الكل واستحبابه يستلزم جواز الجزء قطعا، ولا يجامع تحريمه وجوب الكل وجوازه حسب ما ظهر من البيان المتقدم.
وينبغي التنبيه لأمور:
أحدها: أنه هل يجوز اجتماع الوجوب الغيري والحرمة النفسية أم لا؟ والذي يظهر من المصنف هو القول بجواز الاجتماع فيه، وظاهر كلامه وإن كان مطلق حيث قال: إنه ليس على حد غيره من الواجبات فيجوز أن يجتمع مع الحرام إلا أن الظاهر أنه إنما يقول بجواز الاجتماع إذا كان وجوبه الغيري تخييريا، وأما الوجوب العيني الغيري مع الحرام العيني فاجتماعهما قاض بالتكليف بالمحال كما لا يخفى.
وكيف كان فحجته على الجواز أن الغرض من الوجوب الغيري هو التوصل إلى الغير لا حصول الامتثال والانقياد به حتى لا يمكن حصوله بالمحرم، وهو مما يحصل بالحرام أيضا كما في الوصول إلى الحج بالدابة المغصوبة. وفيه: أن غاية ما يلزم من البيان المذكور حصول التوصل بالحرام وأداء الغرض به، وذلك لا يستدعي تعلق التكليف به، فإنه إنما يقتضي ذلك تعلق التكليف به وإذا لم يكن هناك مانع من تعلقه به لتعلق الوجوب نظرا إلى حصول العلة الموجبة، لكن المفروض حصول المانع من جهة تعلق الحرمة به، فغاية الأمر ترتب تلك الثمرة الموجبة للفعل عليه من غير تحقق الوجوب بالنسبة إليه لما عرفت.
والحاصل: أن حصول الغرض مقتض لوجوبه عليه وهو إنما يتفرع عليه الوجوب مع انتفاء المانع وهو موجود في المقام، كيف ولو جاز تعلق الأمر به لحصل الامتثال والانقياد بفعله، فأي فرق بين ما يراد به الامتثال والانقياد أو ما يكون المقصود منه أداء الفعل؟ إذ لو جاز تعلق الأمر به حصل به الامتثال والانقياد أيضا، فإن كان تعلق النهي به مانعا من تعلق الأمر جرى في المقامين.
غاية الأمر تفرع الثمرة القاضية بالوجوب على الحرام أيضا من غير أن يكون