والاشتغال بما يزيد عليه غير معلوم، فيدور الأمر بين حصول الشغل وعدمه، وقد تقدم تقديم البراءة حتى يتبين الاشتغال.
وبالجملة: ليس المقصود بيان أن المراد من ذلك المجمل هو الأقل بالخصوص، بل المراد أنه لا يتحصل من التكليف بذلك المجمل علم باشتغال الذمة بما يزيد على الأقل، فينفى الزائد بالأصل، فيكون الواجب علينا بعد دفع الزائد بالأصل هو خصوص الأقل فليتأمل جيدا. هذا بالنسبة إلى إجراء الأصل في الأجزاء.
وأما بالنسبة إلى الشرائط فإن قام هناك إطلاق صح نفي الاشتراط إذن من جهته، ويصح التمسك هناك بأصالة عدم التقييد، ومع حصول الاجمال فلا يصح الاستناد في نفيه إلى أصالة البراءة، بل لا بد من مراعاة الاحتياط حسب ما يأتي بيانه في المقام الثاني. والقائل بجريانه هناك يقول به في المقام أيضا، وسيأتي تفصيل القول فيه.
المقام الثاني:
فيما إذا كانت الصحة منوطة بالاجتماع وكان انضمام كل جزء إلى الآخر معتبرا في تعلق الحكم، وحينئذ ففي الاقتصار على المتيقن ودفع المشكوك بالأصل وعدمه وجهان.
ومن هنا وقع النزاع المعروف بين المتأخرين في إجراء الأصل في أجزاء العبادات المجملة وشرائطها المشكوكة. فذهب جماعة منهم إلى جريان الأصل في ذلك وجعلوا إجراءه فيها كإجرائه في التكاليف المستقلة من غير فرق. ومنعه آخرون حيث أوجبوا مراعاة الاحتياط في ذلك وحكموا بأن ما شك في جزئيته أو شرطيته فهو جزء وشرط، يعنون به أنه في حكم الجزء والشرط في توقف الحكم بالصحة على الإتيان به، لا أنه جزء أو شرط بحسب الواقع، كما قد يتوهم.
ولما لم تكن المسألة في كتب الأصحاب ما عدا جماعة من متأخري المتأخرين، اختلف النسبة إليهم في المقام، فقد عزى بعض من القائلين بالأول